الجزائر تسجل أسوأ حصيلة في مجال الاستثمارات الأجنبية المباشرة عام 2015

+ -

كشف آخر تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية والتجارة عن أسوأ حصيلة للجزائر في مجال الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال سنة 2015، حيث سجلت الجزائر حصيلة سالبة بقيمة 587 مليون دولار، ما يعكس عزوف المستثمرين عن الوجهة الجزائرية التي لاتزال معقدة وتطبعها البيروقراطية الإداريةوعدم الوضوح في مجال التشريعات والقوانين المتغيرة ومسار استثمار مرهق، كما ساهم غياب الاستثمار في القطاع الطاقوي في تسجيل الجزائر مثل هذه الحصيلة أيضا.

 بين تقرير الهيئة الأممية الذي حمل عنوان “التقرير العالمي للاستثمار 2016: جنسية المستثمر، تحديات سياسية” تراجعا غير مسبوق للتدفقات المالية باتجاه الجزائرية، حيث سجلت الجزائر أسوأ حصيلة لها على الإطلاق منذ عشرية من الزمن، بل أضحت من بين الدول القليلة التي تسجل ناتجا سلبيا، في ظل التردد الذي يتسم به سلوك المستثمرين الأجانب حيال سوق يعتبر من بين أعقد الأسواق في المنطقة.واستنادا إلى التقرير دائما، فإن الاستثمارات الأجنبية المباشرة باتجاه الجزائر عرفت تقلبات كبيرة، ولكن الملاحظ أن قطاع الطاقة شكل أحد أهم المصادر خلال السنوات الماضية، إلا أن دخول القطاع في أزمة وغياب البدائل جعل الاستثمارات الأجنبية المباشرة تشح، كما أن القوانين والتشريعات المعتمدة، بما في ذلك إلزام المستثمرين بقاعدة 51 و49 في المائة في كل القطاعات وفروع النشاط، وغياب رؤية واضحة المعالم مع التغييرات المستمرة في القوانين، جعل التردد سيد الموقف.ورغم مساعي الحكومة للتنسيق مع البنك العالمي لتطوير مقاربات “دوينغ بيزنس” أو مناخ الأعمال والاستثمار، واعتماد مشروع قانون استثمار يرمي إلى تقديم مزايا “نظرية” للمستثمرين، فإن مناخ الأعمال والاستثمار في الجزائر لا يزال يطغى عليه التسيير الإداري المركزي البيروقراطي مع تعدد الهيئات والجهات المتدخلة في سلسلة ومسار الاستثمار، وهو ما ينفر الكثير من المستثمرين في ظل غياب هيئة يمكنها الفصل أو الحكم في المنازعات والطعون أو الشكاوى المقدمة من قبل المستثمرين الذين يعانون من بطء الإجراءات ومن غياب رد فعل سريع للمؤسسات المكلفة وغياب المتابعة، فضلا عن غياب العقوبات ضد المسؤولين القائمين على ملفات الاستثمار.وفي المحصلة، يبقى مسار الاستثمار في الجزائر مرهقا وصعبا وغير واضح المعالم. وكشف تقرير المنظمة عن تراجع قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر من 1.507 مليار دولار سنة 2014 إلى ناقص 587 مليون دولار، فيما تم تسجيل 1.693 مليار دولار سنة 2013 و1.499 مليار دولار سنة 2012.وتظل الجزائر من بين أقل البلدان استقطابا للاستثمارات الأجنبية المباشرة في المنطقة سنة 2015، بل إنها جاءت في مؤخرة دول شمال إفريقيا، إذ نجحت مصر في استقطاب 6.885 مليار دولار استثمارات، مقابل 3.162 مليار دولار للمغرب و1.002 مليار دولار لتونس رغم الظرف الصعب الذي مرت به، بل إن ليبيا سجلت 726 مليون دولار استثمارات وهي بلد يعيش حالة عدم استقرار.واستقطبت السودان 1.737 مليار دولار استثمارات عام 2015، فيما بلغت قيمة الاستثمارات في غانا 3.192 مليار دولار، مقابل 3.064 مليار دولار لنيجيريا و2.168 مليار دولار لإثيوبيا و3.711 مليار دولار لموزمبيق.بالمقابل، سجلت الاستثمارات الجزائرية في الخارج حصيلة متواضعة بحوالي 103 مليون دولار سنة 2015، وإن كانت أفضل من السنة التي سبقتها والتي سجلت ناتجا سلبيا بـ18 مليون دولار، ما يعكس أيضا انكماش نشاط الشركات الجزائرية على رأسها سوناطراك. وأشار التقرير إلى أن سوناطراك تمثل أكبر نشاط للاستثمار في الخارج، حيث قامت بعدد من العمليات في إفريقيا بالخصوص مثل مالي والنيجر، ولاحظ التقرير أيضا أن تحرير الاقتصاد وخوصصة الأصول الخاصة بالشركات العمومية يمكن أن يعطي دفعا للتدفقات المالية الأجنبية في الجزائر، مصنفا هذه الأخيرة ضمن البلدان التي تضع قيودا عديدة في عدة قطاعات، في ظل إشراف الدولة على تسيير الاقتصاد. وبعد أن كان قطاع الطاقة يغطي على حجم الاستثمارات الأجنبية، فإن الأزمة التي يعيش فيها كشفت عن اختلالات بنية الاقتصاد الجزائري، في انتظار إصلاح فعلي لمنظومة تسيير الاقتصاد وإرادة فعلية للقضاء على بعبع البيروقراطية وانتشار الفساد.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات