"علينا حفظ الدرس والتعاطي بتواضع مع روح الجمهورية"

كيف تقرأ ادعاءات محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا وحملات الاعتقالات التي طالت رجال الجيش والقضاء والصحافة؟ أعتقد أن هذا إجراء طبيعي في مرحلة حافلة بالدراما، يوم الجمعة 15 جويلية، والذي أعطى لأردوغان مبررا سياسيا ومنطقيا لتصفية منظمة غولن أو ما اصطلح على تسميته بـ”حركة الخدمة”، وهي الجبهة المناوئة له منذ سنوات طويلة وتؤرقه، خاصة وأنها توغلت في مفاصل الدولة على نحو هدد بقاء النظام الحالي وبقاء حزب العدالة والتنمية على رأس السلطة في أنقرة.استعمالك كلمة دراما يؤشر على أنك تشكك في حقيقة الأحداث؟لا.. أعتقد أن الاتجاه إلى ترجيح سيناريو كون أردوغان هو من دبر وخطط لمحاولة الانقلاب “كلام لا علاقة له بالعلم”، لأن المسألة التركية شديدة التعقيد بما يكفي ولا يمكن بأية حال تسطيحها وتبسيطها على هذا النحو المخل بسياق الأحداث، ذلك أن أردوغان مع نجاته من تلك المحاولة الانقلابية هو أحد أكبر الخاسرين والمضارين مما حدث، خاصة مع اهتزاز سمعته الدولية والداخلية كرجل كان مسيطرا على مقاليد السلطة، وبالتالي ظهر في صورة الرجل غير المتمكن من جمع الأتراك جميعا تحت رايته وغير المتمكن من تطويع القوات المسلحة.لكن البعض يعتقد أن محاولة الانقلاب ستجعل أردوغان أكثر شراسة مع خصومه وستكون فرصة لتغيير الدستور، ما قولك؟ هنا لا بد من الحديث عن طبيعة الصراع على السلطة، تلك التي خلفتها محاولة الانقلاب، فضلا عن طبيعة تركيا التي يريدها أردوغان أو حتى تلك التي يريدها الجيش أو التي تريدها الأحزاب الثلاثة الأخرى المشاركة في الحياة السياسية، وبالتالي يمكن القول إن الأيام القليلة المقبلة هي الوحيدة التي بإمكانها إخبارنا عن مستقبل تركيا، وما إذا كان أردوغان سيتعلم من درس الجمعة ويتعاطى بتواضع مع ما يعرف بـ”روح الجمهورية” أو تعاليم أتاتورك، أو أنه مصر على المضي قدما في طموحه الجامح نحو السيطرة المطلقة على السلطة.وما احتمالية اندلاع صراع بين أردوغان والمؤسسة العسكرية، بعد إقالة واعتقال العشرات من عناصره وقياداته؟ في تصوري أن الجيش التركي ليس كالجيوش العربية ولا يمكن أن تعمم عليه مثل تلك الأطروحات، لأنه جيش محترف ونظامي على غرار الجيوش الأوروبية بمسحة شرق أوسطية لا يمكن تجاوزها، وبالتالي يمكن اعتبار ما حدث لمجموعة الجنود والضباط الانقلابيين عقابا أخلاقيا جائزا من المجتمع وليس فيه ما يشير إلى إهانة إلى المؤسسة.