حي "كوكو بلاج".. شبح الإقصاء يخيم على السكان

38serv

+ -

أول ما تطأ قدماك بلدية برج البحري، شرقي العاصمة، هناك ألف من يدلك على موقع الحي الفوضوي المسمى “كوكو بلاج”... هو شاطئ اصطفت فيه أعداد لا متناهية من الزوارق، ومجموعة أطفال يلعبون بالرمال تارة، ويسبحون تارة أخرى، في صورة تختزل مأساة أزيد من 300 عائلة لمدة فاقت العشر سنوات، أخذ خلالها قاطنو الحي جرعة زائدة من المعاناة والألم، في ظل نسيان وتهميش السلطات لهم.

يعيش قاطنو حي “كوكو بلاج”، هذه الأيام، على أعصابهم بعد تسرب خبر ترحــــــــيلهم ضمن الشطر الرابع من عملية الترحيل الـ21، التي من المنتظر أن تمس حيهم، وفق مصادر من الولاية، فقد تسرب إلى نفــــوسهم شيء من الخــــــوف والقلـــق عما يمكن أن ينتظرهم في الأيام المقبلة... مشاعر اختلطـت بين الخوف من شبح الإقصــــــاء والتشرد والفرحة بقدوم ساعة الفرج، فبعد أن كانت “الرّحلة” حلما بالنسبة لهم، أصبحت اليوم كابوسا حرم عليهم النوم.مناظر خلابة وحياة بائسةلدى دخولنا الحي، أول ما جلب انتباهنا هو رائحة البحر والنسيم البارد والمنظر الخلاب الذي أنسانا الوجه الشاحب للحي والمعاناة التي يتكبدها سكانه. فانعدام أبسط ضروريات الحياة، أرّق حياتهم وأتعب نفسيتهم... جدران مشققة وسقوف متهرئة، تكاد تقع فوق رؤوس قاطنيها، ترجمها صبر العائلات التي استقبلتنا بصدر رحب وقصت علينا معاناتها الكبيرة داخل أكواخ تتقاسمها مع الجرذان والأفاعي، حيث يشكو هؤلاء من الانتشار الرهيب للجرذان والأفاعي بالحي، وحتى داخل المنازل، التي أصبحت تشكّل تهديدا للمواطنين، خاصة في فصل الصيف أين يزداد انتشارها، حتى أنها أصبحت “من أهل البيت”، كما علقت إحدى السيدات في حديثها. وأرجع السكان سبب انتشارها إلى غياب شبكة الصرف الصحي بالمنطقة، وانتشار النفايات بشكل كبير على طول الشاطئ، الأمر الذي وفّر بيئة مناسبة لتكاثرها، مؤكدين أن حياتهم وحياة أطفالهم أصبحت مهددة بلدغات الأفاعي وعضات الجرذان، التي تتسلل إلى أكواخهم يوميا.كما طرح محدثونا مشكل غياب شبكة الكهرباء في حيهم، فقد لجأوا إلى وصل منازلهم التي فاق عددها الـ300 من أعمدة الإنارة العمومية، بعدما نفد صبرهم ولم يجدوا من السلطات آذانا صاغية توفر لهم ما تيسر من الضروريات، إلى حين موعد ترحيلهم، فما كان منهم إلا توفير ما يحتاجونه بأنفسهم، ولو على حساب حياتهم، نظرا للخطر الذي يتربص بهم جراء الانفجارات. وأضاف محدثونا أن قارورة الغاز أثقلت كاهلهم، خاصة في فصل الشتاء أين تصبح الندرة سيدة الموقف ويدخل السكان في رحلة البحث عن الغاز، خاصة من أجل التدفئة، نظرا للبرد والرطوبة التي تميز المنطقة، ما أثّر على صحة السكان الذين أصيب معظمهم بأمراض مزمنة، على غرار الربو والحساسية.الترحيل.. من حلم إلى كابوسوقد تحوّل حلم الترحيل في الأيام الأخيرة إلى كابوس حقيقي بالنسبة لسكان المواقع القصديرية، فقد أصبح هؤلاء يمسكون بطونهم خوفا من شبح الإقصاء الذي أصبح يحوم حولهم، تقول إحدى السيدات “جميعنا معنيون بالترحيل، كلنا نحتاج شقة ونريد الخروج من البؤس والمعاناة.. مللنا هذه العيشة، نجمع أغراضنا مع كل عملية ترحيل ونعيد إخراجها من العلب في كل مرة”.حالة من الذعر والخوف تملكت معظم السكان الذين أصبحوا لا يثقون في المسؤولين المحليين، ولا حتى في ملفاتهم الكاملة ولا عمليات الإحصاء، فعشر سنوات يمكن أن تشفع لهم، كما يمكن أن تحرق حلمهم، وهو الضغط الذي لم يعد يتحمّله هؤلاء، متمنين أن يكون الشطر الأخير من “الرّحلة” لصالحهم ويخرجهم من الحياة البائسة التي عاشوها منذ عشر سنوات خلت.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات