مع الانتهاء المرتقب لأغلب عقود الغاز الجزائرية في غضون سنتي 2018 و2019، تتجه العديد من الشركات الأوروبية إلى المطالبة بمراجعة الأسعار التي تعتبرها مرتفعة مقارنة بالتطور الحاصل في السوق الغازي، مع تعدد الفاعلين وبروز السوق الحرة “سبوت”. يحدث ذلك في وقت عرفت صادرات الغاز الجزائرية، منذ بداية السنة، نموا بأكثر من 25 في المائة باتجاه أوروبا، لاسيما إسبانيا وحتى تركيا.
تبقى الصادرات الجزائرية الغازية أساسا مركزة على القارة العجوز، ما يجعل التحركات التي يقوم بها عدد من الشركات الأوروبية، منها الاسبانية والايطالية والفرنسية، باتجاه مراجعة الأسعار، عامل ضغط كبير في وقت تسعى الجزائر إلى دعم موقعها وتوسيع دائرة الصادرات باتجاه مناطق أخرى، منها آسيا.فاستنادا إلى تقديرات إحصائية، فإن الجزائر تصبو إلى رفع حجم صادراتها من الغاز الجزائري باتجاه أهم شركائها الأوروبية إلى حوالي 50 مليار متر مكعب، أي ما يمثل أكثر من 60 في المائة من الإنتاج الغازي الجزائري “غاز طبيعي مميع وغاز طبيعي أساسا”. وقد كشفت أولى المؤشرات الإحصائية المتوفرة من الهيئات المتخصصة، أن تسجيل ارتفاع في مبيعات الغاز الجزائرية باتجاه أوروبا، في حدود 25 في المائة خلال السداسي الأول من السنة الحالية، إلا أن التوجه العام يكشف عن بروز منافسة كبيرة في سوق الغاز بما فيه الأوروبي، سواء مع دخول دول مثل قطر بسياسات تكسير أسعار أو سياسات إغراق، لاسيما بالنسبة للغاز الطبيعي، أو بالنسبة لوصول الغاز الأمريكي، ولكن أيضا باتجاه أوروبا لتنويع مصادرها من الغاز وارتقاب دخول إيران لاعبا جديدا في سوق الغاز في غضون السنتين المقبلتين.وعلى هذا الأساس، فإن تآكل الحصة الجزائرية والضغط الذي تمارسه الشركات الأوروبية بالخصوص، ستمثل تحديا كبيرا للجزائر خلال السنتين المقبلتين، فقد سبق للجزائر أن اضطرت بفعل التحكيم الدولي، إلى تسديد تعويضات مالية قاربت 300 مليون أورو لشركة “ايديسون” فرع غاز فرنسا في إيطاليا، على خلفية المطالبة بمراجعة الأسعار، واقتفت شركات منها ايني الايطالية وغاز فرنسا آثرها للمطالبة بطرق مختلفة بضرورة مراجعة الأسعار، وكذلك الأمر للشركات الاسبانية أيضا.ومن الواضح أن الموجة الأوروبية لن تقتصر على الجزائر فحسب، فقد ألزمت الشركة الروسية غازبروم على تقديم تعويضات مالية بلغت 1.3 مليار دولار للشركة الألمانية “ايون”. كما طالبت عدة شركات أوروبية، منها التشيكية “أر دابليوترانسنغاز” والبولونية “بي جي أن أي جي”، بتعويضات بعد مراجعة أسعار الغاز، ثم اضطرت أيضا غازبروم إلى تسديد تعويضات بـ500 مليون دولار استفادت منها شركات “منها ايني وايديسون و«وسينغاز” الألمانية وغاز فرنسا. ودفعت قطر تعويضات لشركة ايديسون أيضا، ولكن على عكس الجزائر، فإن قطر وروسيا يلجأن بصورة واسعة إلى السوق الحرة.وسجلت الحصة الجزائرية من الغاز في أوروبا، حسب تقديرات الهيئة الأوروبية “أوروغاز”، حيث تبلغ حاليا 8 في المائة، بينما كانت في حدود 12 في المائة في 2010، و10 في المائة في 2012، في وقت توقعت الوكالة الدولية للطاقة تباطؤ مستوى إنتاج الغازي الجزائري بأقل من 120 مليار متر مكعب خلال العشرين سنة المقبلة، في وقت قدرت الصادرات الغازية باتجاه أوروبا بـ45 مليار متر مكعب في 2015، مقابل 48 مليار متر مكعب في 2014، موازاة مع برمجة بلوغ 50 مليار متر مكعب هذه السنة. إلا أن تطورات سوق الغاز في أوروبا وتقلبات الأسعار، تدفع أهم الزبائن “فرنسا، اسبانيا، ايطاليا، بلجيكا” إلى المطالبة بمراجعة الأسعار، في ظرف غير مناسب بالنسبة للجزائر.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات