"لا مبرر لموقف سعداني العدائي تجاه أويحيى"

38serv

+ -

قال أحمد أويحيى في مؤتمر الاتحاد العام للطلبة الجزائريين الشهر الماضي، إن الجزائريين “كانوا خماسة عند الكولون”. كلامه فهم على أن الجزائريين ينبغي أن يقبلوا بأوضاعهم الحالية لأنها أفضل من الاستعمار. لماذا يحيلنا أويحيى على الفترة الاستعمارية التي انتهت قبل 62 سنة؟ كلام السيد الأمين العام للحزب جاء بمناسبة خطاب ألقاه بدعوة من منظمة طلابية خلال انطلاق أشغال جامعتها الصيفية. وقد توجه إلى الشباب بكلام يتضمن شقا بيداغوجيا، أراد من خلاله تذكيرهم بكل المآسي والحرمان الذي عاشه الشعب الجزائري خلال فترة الاستعمار، لتحفيز أبنائنا على امتلاك ناصية العلم والالتزام بالعمل كقيمة حضارية، بغرض المحافظة على المكاسب التي انتزعناها بعد حرب مريرة مع الاستعمار. هذه المكاسب لم تكن ممكنة لولا التضحيات الكبيرة التي بذلها الجزائريون.أما القراءات التي تمخضت عن هذا الخطاب، عن طريق تسويقه في غير اتجاهه الصحيح، فهي مغلوطة ومغرضة هدفها الإساءة إلى الأمين العام الذي تعرف عنه صرامته وحرصه على شحذ همم الشباب. وهذه القراءات نشرت في شبكة التواصل الاجتماعي، وبخاصة فيسبوك، الذي أصبح فضاء تهيمن عليه أوساط معينة لها امتدادات واسعة خارج الجزائر. وللأسف، تستعمل هذه الشبكة لبث أفكار سيئة يتم توظيفها لإهانة بعض الشخصيات والتعرّض لهم بسخرية. بعبارة أخرى، يتم استغلال صيغة المجهول في فيسبوك لبث السموم من طرف بعض الجهات.دعا مجاهدون إلى وضع جبهة التحرير الوطني في المتحف وإلى إبعاد أمينها العام. ما موقف الأرندي من ذلك؟ في حزبنا نعتبر الأفالان ملكا لمناضليه، وبالتالي هم أحرار في أي موقف يتخذونه يخص حزبهم. أما عن علاقتنا بالأفالان، أقول إن أملنا أن يبقى حليفا استراتيجيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى... ولكن عمار سعداني لا يرى العلاقة معكم من نفس الزاوية. هو يرى في الأرندي وأمينه العام خصما لدودا.... لا يهمنا ما يقول السيد سعداني. الأفالان حليف ورئيسه هو رئيس الجمهورية بناء على ما تمخض عن مؤتمر الحزب المنعقد في 2015 من نتائج. أما الأمناء العامون فقد اشتغلنا مع الكثير منهم، من بن فليس إلى سعداني مرورا ببلخادم، ورأينا من كل واحد منهم ما رأينا. في كل الأحوال يبقى موقف الأرندي من الأفالان هو نفسه لا يتغير، بصرف النظر عما يصدر عن أمينه العام. أكرر وأقول أن جبهة التحرير حليف استراتيجي، نقف في تعاملنا معها عند الأهم، وهو أننا نشترك في دعم رئيس الجمهورية والجهاز التنفيذي، في مسعى تعميق المؤسسات وبناء الديمقراطية وتجذير المصالحة الوطنية كمشروع مجتمع. أما الأشياء الهامشية فنتعامل معها حسب الظروف.ما سبب الحساسية التي يظهرها سعداني تجاه أويحيى؟ لماذا يعتبره شخصا عديم الوفاء تجاه الرئيس بوتفليقة؟ في الأرندي نتعامل مع هذه الحساسية بمنتهى البساطة. نحن لا نرى أي مبرر لهذه المواقف العدائية من جانب أمين عام الأفالان، خاصة أنها تتخذ طابعا شخصيا. فالسيد أويحيى يثبت دائما نضجا سياسيا وقدرة على استيعاب الأحداث، وعلى تحديد الأولويات. وهو يتحلى بثقافة الدولة. ما يجعل الأحكام القيمية الظرفية التي تصدر بحقه، عديمة التأثير فيه. لقد أثبت أويحيى، في القول والفعل، وفاءه لتعهداته السياسية. وفي كل مرة يؤكد احترامه وتقديره لرئيس الجمهورية، إذ لم يصدر عنه أي تصرف أو تصريح يخالف إرادة الرئيس فيما يتعلق بالإصلاحات والتنمية، وخاصة بشأن تصوّر الرئيس لبناء مجتمع متماسك وديمقراطية هادئة.يوحي شكل قانون الانتخابات الجديد، بأن استحقاقات 2017 التشريعية والمحلية، ستكون نسخة شبيهة باستحقاقات 2012. هل سيكتفي الأرندي بالمرتبة الثانية كما جرت عليه العادة منذ 2002؟أعتقد أن قانون الانتخابات الجديد جاء لتعزيز قانون الانتخابات المعدّل في 2004 بمبادرة من نواب حركة الإصلاح الوطني. لقد جاء القانون الجديد باكورة للمشاورات مع الطبقة السياسية، التي سبقت المراجعة الدستورية. الهدف من تعديله، هذه المرة، هو تنظيم سوق الانتخابات، التي ميزتها في المواعيد الماضية المتاجرة بقوائم المترشحين. وهذه حقيقة لا ينكرها اليوم المستاؤون من هذا القانون، الذي أتى ليكرّس درجة التمثيل ولتنقية المشهد السياسي من الممارسات السلبية.وفي اعتقادي، عتبة 4 بالمائة من الأصوات التي يشترطها القانون في متناول غالبية الأحزاب، وهي ليست إقصائية كما يشاع. ومن لم يف بهذا الشرط بإمكانه العمل على جمع توقيعات المواطنين. ولكن هل العاجز عن توفير أحد الشرطين، يستحق خوض الانتخابات وطلب ثقة الناخبين؟ الأمر يتعلق في رأيي بترتيب المشهد السياسي حتى نضفي عليه جدية أكبر.قبل سنوات، قال أويحيى إن منصب رئيس الجمهورية هو موعد بين الشخص وقدره. هل سيكون 2019 موعد أويحيى مع كرسي الرئاسة؟ وأين نحن من انتخابات 2019؟ همنا في الأرندي وهم أمينه العام هو العمل على إيجاد حلول سياسية ناجعة لمواجهة المشاكل الحالية، والبحث عن أفضل الصيغ لدفع عجلة النمو الاقتصادي إلى الأمام، وتفعيل اقتصادنا والتفكير في بدائل للمحروقات. هذه هي الرهانات الحقيقية. هذا زيادة على انشغالنا بالقضايا النظامية في الحزب، واهتمامنا ببلوغ المراتب الريادية في البرلمان والمجالس المحلية.أمام هذه التحديات، لا يمكن أن تكون رئاسيات 2019 رهانا شخصيا. فرئيس الجمهورية لا يزال يمارس مهامه وصلاحياته، والتزامنا مع السيد عبد العزيز بوتفليقة أخلاقيا وسياسيا، يمنعنا من الخوض في هذه المسألة حاليا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات