الحكومة تجند الأئمة للتصدي للتطرف بمساجد فرنسا

38serv

+ -

 قال محند إيدير مشنان، مدير التوجيه الديني والتعليم القرآني بالوزارة، في اتصال هاتفي مع “الخبر”، إن الوزارة مستعدة لتلبية نداء عميد مسجد باريس، مبرزا أن العلاقة بين وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالجزائر والدولة الفرنسية قائمة بمقتضى اتفاقية يتم بموجبها إيفاد أئمة جزائريين أكفاء كل سنة لتأطير المساجد في فرنسا.وأشار مشنان إلى أن هذا التعاون قائم منذ فترة طويلة نظرا للعلاقات التاريخية بين البلدين، وعرف تعزيزا وتقوية في السنوات الأخيرة بعد اتساع رقعة الاعتداءات الإرهابية والتطرف العنيف لتمس دولا غربية، والحاجة الملحة للاستفادة من التجربة الجزائرية في التصدي للفكر الإرهابي والمتطرف، وهي تجربة قائمة على منهج الاعتدال والوسطية في القيام بالشعائر الدينية، وتركز على تعايش المسلمين مع المجتمعات التي يعيشون فيها.كما أشار مشنان إلى أن إرسال الأئمة إلى فرنسا يتم بشكل سنوي بعد تلقي تكوين مكثف يتناول تقنيات وآليات مواجهة التطرف والإقناع بالحجة والبرهان، ويتم اختيارهم من بين الذين يحسنون التحدث باللغة الفرنسية والتحكم في فن الاتصال والتواصل مع المسلمين الفرنسيين ومن أبناء الجيلين الثالث والرابع، الذين لا يتكلمون اللغة العربية، بالإضافة إلى الاستفادة من تكوين خاص بتقاليد وعادات المجتمع الفرنسي كي لا يصطدموا بواقع يجهلونه ولا يعرفون كيفية التعامل مع مفرداته. وأكد ذات المسؤول أن “العملية متواصلة وتحتاج إلى مزيد من الجهود الرامية لتحسين جانب التكوين وجودته”.صعوبة المهمةوعن الصعوبات التي قد يواجهها الأئمة والعلماء الجزائريون، الذين يتم إرسالهم إلى مساجد فرنسا، في ظل موجة العداء للإسلام والمسلمين، أوضح مشنان بأن هذا العمل لا يخلو من صعوبات، نظرا لتمرّس الجماعات المتطرفة في تحيين وتطوير أدائها عبر الوسائط الإعلامية المختلفة، إضافة إلى قدرتها على التوغل إلى عقول الناس هناك عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال “إغراءات تتطور هي الأخرى باستمرار”.وتابع مشنان يقول: “تعاوننا مع مسجد باريس يشمل العمل على مواجهة الواقع، من خلال السعي الحثيث والجاد لاجتثاث أسباب التطرف العنيف لإنقاذ من تم التغرير بهم، وهو في الواقع عملية استباقية تفاديا لسقوطهم في فخ هذا النوع من الدعايات”.ورغم صعوبة هذه المهمة، فإن محند إيدير مشنان يؤكد على أنه “لا يمكن الرضوخ أمامها، خاصة إذا علمنا أن هؤلاء المتطرفين ليسوا من أبناء المساجد ولا ملتزمين دينيا، إنما يأتون من شبكات أخرى يصعب الوصول إليهم جميعا، لكن يجب علينا أن نبدأ في العمل من أجل حماية رواد المساجد بدعاة وأئمة يحسنون الخطاب والإقناع، لأن المهمة في غاية الأهمية”.كما أن ذات المسؤول لا يخفي قلقه من رد فعل الطرف الآخر، أي المتطرفين، على هذه الخطوة، مقدرا بأن من واجب العقلاء أن يعملوا بحكمة وحنكة لمواجهة التيارات العنيفة، بل لا ينبغي أن نتراجع عن أداء أدوارنا، فنحن على موعد مع التاريخ ولا يقبل منا التخلف عنه، لأننا أصحاب حق وعلينا الدفاع عنه”، مستدلا بما عانته الجزائر قبل سنوات “عندما كانت تحذر من الإرهاب من دون أن يكون للمجتمع الدولي أذن صاغية”، داعيا في نفس الوقت المجتمع الفرنسي إلى عدم تعميم ما يحدث من أعمال عنف، كون أن الإرهاب ليس له جنسية ولا دين ولا وطن”.بعيدا عن الأجندات السياسيةبدوره، عبر جلول حجيمي، إمام مسجد تليملي بالعاصمة، والأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية والأوقاف، في تصريح لـ”الخبر”، عن “استعداد منظمته للانخراط في أي مسعى يهدف إلى توضيح صورة الإسلام الحقيقية وتعرية انحرافات المتطرفين الذين يسيئون عن قصد أو دون قصد لديننا الحنيف”.وأضاف: “ندعم كل دعوة إلى الاعتدال والتسامح والحوار شكلا ومضمونا، بل هي مبادرة نتشرف بالانخراط فيها، شريطة أن تكون بعيدة عن الأجندات السياسوية والسياسية”.وتابع حجيمي أن “أي مسعى كهذا يجب أن يقوم على قاعدة شرعية هي لا إفراط ولا تفريط، وعلى تنبيه المجتمعات الغربية إلى أن للمسلمين قضايا مركزية مثل فلسطين لا ينبغي أن يُغضّ الطرف عنها أو الصمت إزاء ما يعانيه الفلسطينيون من ظلم واعتداءات فوق أرضهم”، مشددا على براءة الإسلام من الفظائع التي يرتكبها تنظيم “داعش” الإرهابي باسمه. ويشار إلى أن عميد مسجد باريس، دليل بوبكر، وجه نداء للعلماء والدعاة الجزائريين لتقديم يد العون في تأطير أفراد الجالية المسلمة في فرنسا، وتجنيبها الوقوع في فخ المنظمات الإرهابية مثل “داعش”.وقال بوبكر في هذا الصدد: “نأمل أن يساعدنا الإخوة في الجزائر بمؤهلاتهم وتاريخهم وتكوينهم ومعارفهم، في الإصلاح بالمشاركة في ندوات مسجد باريس حول هذا الغرض”، موضحا أن “الإصلاح الذي ننشده في فرنسا يعتمد على المعارف والثقافة والتاريخ والعبادات والفقه والسنة، حيث يجب على المؤسسات الإسلامية الاستفادة من فكر المسلمين أنفسهم الذين عليهم تصحيح النظرة والممارسة الدينية”. وفي هذا السياق، أكد أن “الإصلاح الذي تمت مباشرته في الجزائر سيتم نسخه في فرنسا لفائدة الفرنسيين المسلمين الذين ليس لهم أي معلومة أو ثقافة أو فهم للخطاب القرآني في مجال الإصلاح”.وضمن هذا المنظور، أعرب بوبكر عن أمله في أن يتم إرساء علاقة قوية بين مسجد باريس الكبير والمؤسسة الدينية في الجزائر، مذكرا بأنه طلب من السلطات العمومية الفرنسية مساعدة مسجد باريس في جهوده الرامية إلى التعريف بالصورة الحقيقية للإسلام.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات