السلطة عندما كانت في حاجة إلى إحالة بعض الوزراء والمسؤولين السامين في الحزب والدولة على التقاعد لأسباب سياسية، قامت بإنشاء ما سمي بصندوق تقاعد الإطارات! وكان الصندوق عبارة عن رشوة من رجال السلطة في الحزب الواحد لبعض زملائهم قبل تصفيتهم سياسيا من المسؤولية وإحالتهم على التقاعد السياسي، ولكن بأموال تقاعد خيالي من خزينة الدولة، وعلى حساب الشعب الجزائري. وهي عملية مضادة لمحتوى الدستور في عمقه القانوني والأخلاقي الذي يسوّي بين المواطنين!وعندما كانت السلطة في حاجة إلى بيع المؤسسات العمومية لعناصر في السلطة أو لعائلاتهم في إطار سياسة الخوصصة والتحول نحو الاقتصاد الحر، عمدت السلطة إلى سن قانون التقاعد النسبي والمسبق! أي عمدت السلطة إلى “تسريح” العمال في المؤسسات العامة، وتغطية هذا التسريح من صندوق التقاعد للضمان الاجتماعي. بل وعمدت إلى أخذ أموال هذا الصندوق إلى وجهات أخرى.. أي أن الحكومة آنذاك عمدت إلى تغطية تسريح العمال من أموال المشتركين في صندوق الضمان الاجتماعي.اليوم أصبحت حالة تسيير البطالة بالمال العام من خزينة الدولة مسألة مقلقة فعلا وغير اقتصادية، وتهدد في العمق إفلاس الدولة وليس إفلاس المؤسسات والمصالح والهيئات فقط.الحكومة أنشأت صناديق عديدة لتبذير المال العام في الأوجه غير الاقتصادية، من صندوق تأمين البطالة إلى صندوق تشغيل الشباب، إلى عمليات التشغيل المسبق، إلى درجة أن أكثر من نصف الطاقة البشرية للقوة العاملة الجزائرية أصبحت في حكم البطالة الفعلية، سواء البطالة المباشرة أو حتى البطالة المقنعة.في الجزائر حتى العمال الذين يعملون لا يعملون.. وهم في الغالب في بطالة شبه تامة. ولهذا، فإن إلغاء التقاعد النسبي هو في النهاية إلغاء مسألة أصبحت هي القاعدة العامة وماعداها استثناء..! جل العمال يمارسون التقاعد إما في العمل أو في التقاعد النسبي أو حتى في التقاعد غير النسبي..! ولهذا لاحظنا هذه الانتفاضة الكبرى لقوى العمل في البطالة المقنعة ضد قرار الحكومة! مع أن الحكومة لم تر على أنها قامت بعملية رفع سن البطالة المقنعة إلى 60 سنة ليس إلا.. مشاكل الاقتصاد والعمال والبلاد ليست في التقاعد النسبي أو غير النسبي، بل هي في الواقع تكمن في سوء تسيير البلاد خاصة في الجانب الاقتصادي والسياسي.. وهو ما انعكس على الحالة التي تعاني منها القوى العاملة التي تمارس العمل بشبه البطالة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات