أخ بوعقبة هذا بعض ما خطر ببالي بشأن مسألة الجيش:الزج بالجيش ضد الإرادة الشعبية يضعف الجيش أكثر. وإذا سلّمنا بأن مؤسسة الجيش متجانسة كليا، فإن ذلك يعني الزج بالمؤسسة الصلبة الوحيدة في حرب استنزاف تؤدي إلى تآكلها. أما إذا افترضنا أنها غير متجانسة وأن بها أمارات استقطاب، فإن دفعها إلى ما تفعله تسريع إلى تدميرها.في الأفق علامات توحي بأنه قد بات وشيكا اليوم الذي يقول فيه الحس الشعبي المشترك: إن ما يربط الجيش الشعبي الوطني الذي نراه اليوم، بجيش التحرير الوطني، هو ما يربط جبهة بوتفليقة وسعداني بجبهة بوضياف وبن بولعيد، ولن يفيد عندها خطاب أن هذا سليل ذاك.من المسلّم به أن الجيش الجزائري تم تأسيسه على يد مجاهدي الثورة التحريرية، أما نجاحه في مهمته التاريخية الأولى أي: تحرير البلاد، فلم يحدث دون حاضنة شعبية قوية، حاضنة قالت نعم للاستقلال. لم يحدث ذلك اعتباطيا، بل لأن فاتحة بيان أول نوفمبر تقول بصراحة “أيها الجزائريون، أنتم الذين ستصدرون حكمكم بشأننا”. وبغير هذه القاعدة الذهبية، كان بالإمكان أن يتحوّل جيش التحرير لدى الجزائريين إلى مجرد مغتصب آخر، أو إلى مجموعة من أمراء الحرب.أما الزج به فيما يفعل حاليا، فسيؤدي إلى كسر الرابطة المفصلية بينه وبين حاضنته الشعبية التي تضمن حصرا تغذيته وتجديد الدماء في عروقه.. ألا يؤدي ذلك رأسا إلى تجفيف المنابع؟إن كان عن جهل فتلك مصيبة.. أو كنت تعلم فالمصيبة أعظم.ألا تقول لنا الأرقام المتصاعدة لشبابنا العازفين عن تأدية واجب الخدمة الوطنية شيئا؟ ألا يذكّر هذا السلوك البعض منا بما كان يحدث أيام الاستعمار تجاه التجنيد الإجباري؟إن الاحترام الذي يحظى به الجيش الجزائري ليس احتراما صرفا، بل هو في بعض الأحيان خوف مبطن.. ولنكن صرحاء في تسمية الأشياء بمسمياتها، وهو شعور متشكل نتيجة حماقات وقعت في الماضي، ولن تستعيد هذه المؤسسة كل الاحترام الصرف الذي تمتعت به يوما ما، إلا إذا التزمت بمهماتها النبيلة تجاه هذا الشعب النبيل.مللنا أسطوانة مشروع الجيش الاحترافي.مللنا من تزييف الوطنية باسم الجيش وغير الجيش.مع تحياتي.سعيد ولد محمدأولا: تحليلك جيد، وأزيد عليه أنني أديت الخدمة الوطنية سنة 1971 وأجريت حديثا لصالح مجلة “الجيش” مع المحافظ السامي للخدمة الوطنية آنذاك، الرائد إبراهيم براهيمي رحمه الله... فقال لي: أنتم الشباب تطلقون علينا نحن ضباط الجيش “بغال بومدين”! نحن خدمة الشعب الجزائري نشق الطرق ونبني القرى ونتحالف مع بومدين ما دام منحازا إلى قضايا الشعب، لكننا لن نكون معه لو تنكر للشعب وطلب منا فتح النار على الشعب.. فلن نفعل!أذهلني هذا الكلام من ضابط في الجيش في ذلك الوقت... وبالفعل، الجيش كان دائما منحازا إلى قضايا الشعب... لهذا كنا نرى الشعب يحرس سيارات الضباط من السرقة، فكان الجندي أو الضباط في نظر الشعب ملاكا!ثانيا: حتى السياسيين الذين كانوا يشتغلون مع الجيش وبومدين كانوا من خيرة كفاءات البلاد، وهي قليلة. فلم نر من بينهم أمثال حنون التي تقول للسعيد بوتفليقة “تكلّم”، وهو في العام السادس عشر من اجتيازه الصحراء ساكتا كما فعل أخوه قبل 1999 لما سكت 20 سنة، وعندما تكلم لم يسكت.. حتى أسكته المرض !الويزة تعترف بأن السعيد هو الذي يحكم، وليس عبد العزيز، ومع ذلك تقول إنها مع الشرعية وتمارس السياسة في كنف الشرعية.مصيبتنا عمت، ولكنها مع الأسف لم تخف.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات