أجيال من الطلبة يتوارثون قصصا خيالية في الأحياء الجامعية

38serv

+ -

 هذه عنوانين كبيرة لقصص غريبة عايشها طلبة وورّثوها لبعضهم البعض بطريقة شفوية، راعت عامل الرعب الذي يحيط بكل قصة.ففي سطيف مثلا يتوارث الطلبة الكثير من القصص بعدد من الأحياء الجامعية، اخترنا منها قصة “مدام طالو” التي سميت كذلك اعتمادا على حاسة الأذن، حيث غالبا ما تسمع الطالبات المقيمات بالحي وهن في غرفهن، وقع أرجل لسيدة يبدو أنها ترتدي حذاء طويلا، يحدث وقعه بأسلوب خاص وبخطوات متثاقلة نسبيا، إحساس يمتزج فيه الخوف بالرغبة في الخروج، لاكتشاف هوية هذه السيدة التي أثبتت انضباطا كبيرا في مواعيد مرورها عبر أجنحة وغرف الطالبات وفي إحدى زوايا الحي، حيث تختار من الأوقات ليلا لتلبس هي ثوب السيدة المديرة التي يبدو أنها تتفقد أوضاع إقامتها ليلا.. طبعا، وقع أرجلها حرم الكثير من الطالبات من مغادرة غرفهن ليلا ولو لأسباب قاهرة.روح طالب تعود بعد موته في قسنطينة !هذه القصة التي شهدتها مدينة الجسور المعلقة قسنطينة دارت أحداثها في إقامة جامعية تحتضن الذكور، ورواها لـ “الخبر” طالب سابق، هو اليوم دكتور معروف بإحدى جامعات شرق البلاد، يقول إنه كان مقيما بإحدى الأحياء الجامعية التابعة لجامعة كبرى بالشرق الجزائري بداية التسعينيات، بمعية أصدقاء له يزاولون الدراسة في التخصص نفسه، وقد كان لهم زميل يقيم معهم في نفس الجناح، وكان يطلب منهم في بعض الأحيان عند نهاية الأسبوع المبيت معهم في الغرفة، لكونه لا يحبذ المبيت لوحده، نظرا لغياب زملائه الذين يزورون عائلاتهم بانتظام في عطل نهايات الأسبوع، وهو أمر عادي جدا، لأن الطلبة في تلك الأثناء كانوا يعيشون بالفعل حياة جامعية بعيدا عن عائلاتهم، ومقرات سكنهم التي قد لا يزورونها لأشهر عديدة، لأسباب تتعلق بالبعد، كحال الطلبة القادمين من الجنوب على سبيل المثال، أو اقتصادا في المصاريف، أو للتفرغ للدراسة، كما أن الأحياء الجامعية في ذلك الوقت لم تكن حكرا على الطلبة فحسب، بل كانت فضاء مفتوحا أمام من لا ينتمون إلى عالم الدراسة أصلا، ينزلون بها لأيام عند أصدقائهم الطلبة، كلما مروا بتلك المدن الجامعية لأغراض شتى، مستفيدين من التساهل الكبير الذي كان يُعامل به “الأجنبي” عن الجامعة داخل تلك الأحياء، بل إن العديد منهم كانوا يقيمون بها لمدة طويلة، خاصة أولئك الذين يشتغلون كموظفين في قطاعات أخرى، ويتعذر عليهم العودة يوميا إلى مقرات سكنهم البعيدة.وفي إحدى الأمسيات، جاء ذلك الزميل طالبا استضافته كالعادة، ولما أخبروه بأنه لا يوجد سرير شاغر في الغرفة الصغيرة جدا التي يتقاسمها 3 طلبة، وما عليه إلا أن ينام في غرفته أو لدى زملاء آخرين، ألح على ضرورة تلبية مطلبه قائلا “مستعد للنوم على الأرض”، ويضيف محدثنا “فلم يكن أمامنا إلا الموافقة المصحوبة ببعض الاستغراب”، حسب ما استذكره لـ “الخبر” الدكتور الذي أكد بأنه ذهب بسرعة وجلب أغراضه واندمج الجميع في أحاديث طلابية، لكننا أصررنا عليه لكي يفسر لنا سبب ما رأيناه إلحاحا غريبا، خاصة أن الأحياء الجامعية في تلك الأثناء كانت تنعم بالأمن والاستقرار، وبعد جهد جهيد أخبرنا بالقصة قائلا إنه لا يمكنه بأي حال من الأحوال المبيت لوحده في تلك الغرفة، لأن لها زوارا من نوع خاص، حيث علم زملاء سبقوه بأنه في يوم من الأيام التقى أحدُ قاطني تلك الغرفة في المساء بشخص لا يعرفه خارج الحي، وطلب هذا الأخير استضافته لليلة واحدة فقط لأنه مسافر، وليس له مكان يقضي فيه ليلته، وبطبيعة الحال وافق الطالب على مطلبه، لأن الأمر عادي جدا في ذلك الوقت.نزل الضيف عند مضيفيه في تلك الغرفة، واندمج معهم بسرعة، وفي وقت متأخر من السهرة، دق على باب الغرفة طالب، ولما فتحوا له الباب طلب منهم أن يعطوه سيجارة ففعلوا، ولما غادر عاد الجميع إلى الحديث والسمر. إلا الضيف الذي حبس أنفاسه لحظات، وبعد هنيهة عاد الطارق مجددا من جديد، الشخص نفسه، والطلب ذاته، وما إن تمعن الضيف جيدا في وجه وملامح طالب السيجارة، حتى علت محياه دهشة شديدة، واضطراب كبير، لم يستطع إخفاءهما عن مضيفيه. وبعد مغادرة الطارق سارع الضيف إلى طرح الأسئلة التالية على مضيفيه الطلبة “هل تعرفون هذا الشخص؟ هل هو طالب فعلا؟ هل سبق لكم رؤيته من قبل؟ هل سبق أن طرق عليكم باب الغرفة؟”.كانت إجاباتهم بالنفي، وبالدهشة والاستغراب أيضا، وبطلب التوضيح لهذا الموقف الغريب الذي وجدوا أنفسهم فيه مع هذا الضيف الذي كان قبل لحظات يتصرف معهم بشكل عادي جدا.دهشة الضيف كانت كبيرة جدا، خاصة بعد أن أجاب مضيفوه بالنفي على كل أسئلته المفاجئة والغريبة، وبعد أن استرجع أنفاسه ذكر لهم أنه كان طالبا بهذه الجامعة ومقيما بهذا الحي بالذات منذ مدة طويلة، وأنه يعرف تمام المعرفة هذا الشخص الذي طرق باب غرفتهم، لقد كان هذا الأخير طالبا مقيما في الحي ويعرفه الجميع، وفي أحد الأيام وُجد ميتا في الغرفة ذاتها التي يقيمون فيها هم الآن ويستضيفونه فيها، حيث لم يكتشف أمر وفاته إلا بعد أيام، بسبب عودة زملائه في الغرفة إلى مقرات عائلاتهم.وأضاف أن الطلبة بعد ذلك أصبحوا يرفضون الإقامة في هذه الغرفة بحكم معرفتهم للحادثة، حتى جاءت أجيال أخرى لا تعلم شيئا عنها كما هو حالهم الآن؛ فلولا نزوله عندهم لما أثيرت الحادثة من جديد، بعد أن طُوِيت في دهاليز النسيان. طبعا الرعب تملك الجميع، ومن يقوى بعد هذه القصة على النوم منفردا في غرفة ما زال ساكنها المتوفى يحن إليها!البقرة الطائرة وكارل ماركس في إقامة بن عنكون!القصص لا تقل غرابة في الجزائر العاصمة، بل تزداد رعبا وخوفا، ففي إقامات بن عكنون التي تخرج منها مئات الإطارات التي تسيّر اليوم مصالح ومديريات ووزارات بمختلف القطاعات، توارث الطلبة وعايشوا قصصا غريبة جدا، نبدأ بأقلها غرابة، وهي قصة الشخصية الغريبة التي كانت تقاسم طلبة “الكيتا” إقامتهم، وهو كهل أطلق عليه الطلبة اسم “ماركس” نظرا للتشابه الكبير والغريب الذي يجمعه بكارل ماركس، خاصة في تسريحة الشعر وإطلاق اللحية، وكان شخصا بحق غريب الأطوار حسب الطلبة، حيث لم تحتفظ ذاكرة أجيال من الطلبة أن هذا قد غادر الإقامة الجامعية يوما واحدا، وكان لا يظهر إلا في طوابير المطعم الجامعي، منضبطا، يحمل في الغالب كتابا باللغة الفرنسية، لا تكاد عيناه تغادر الكتاب إلا نادرا، وهي الحالات التي كان يتقاسم فيها مع بعض الطلبة أحاديث خاصة، في وقت كانت غالبيتهم تتحاشاه لشدة غرابته، وقد تداول على هذه الشخصية أجيال كثيرة من الطلبة.قصة أخرى بذات الحي أكثر غرابة، لها صلة واضحة بعالم الروحانيات، حيث تحتفظ ذاكرة الطلبة جيدا بقصة البقرة المحلقة التي كانت تحوم ليلا حول آخر الأجنحة، وكانت مسموعة الصوت، وهنا أكد أحد المقيمين بهذا الجناح تحديدا بأنه سمع أكثر من مرة أصواتا غريبة جدا، منها خوار البقرة الذي يبدو من الصوت بأنه مرتفع ويحوم حول الجناح تحديدا. يتذكر محدثنا بأنه مرة كان جالسا على حافة نافذة غرفته رقم 15 تحديدا، وفجأة بدأ خوار البقرة، ما جعله يغلق مسرعا نافذته ويهرع لفراشة وهو يتمتم بآيات القرآن، فقد سكنه الرعب، وأضاف بأنه مرة أخرى وفي حدود الساعة الثانية صباحا وفي نفس الغرفة سمع أصواتا بين الفرح والحزن، حيث تارة يبدو وكأنه نواح امرأة، وتارة أخرى تكاد تنفجر الغرفة بالزغاريد وصوت البارود، وعندما يفتح النافذة يكتشف أن الهدوء كبير خارج الغرفة، ومنذ تلك اللحظات صار النوم منفردا في غرفة من ذلك النوع أمر في غاية الرعب والخطورة على نفسية الطالب، وطبعا هذه قصة توارثها طلبة “الكيتا” كثيرا.حنفية مجنونة وقصص أخرى في سيدي بلعباسمن غرب البلاد توقفنا في الولاية رقم 22 التي تحصي بدورها عددا من القصص الغريبة المرصودة بكل ولايات الغرب الجزائري كذلك، وحسب أحد ممثلي التنظيمات الطلابية تحدثت إليه “الخبر”، فإن العديد من الإقامات الجامعية بسيدي بلعباس يشهد قصصا من هذا النوع، على غرار قصة الحنفية المجنونة بأحد أجنحة إقامة جامعية، حيث يستغرب كل الطلبة من أمر هذه الحنفية التي تشتغل لوحدها، تفتح أحيانا وتغلق أحيانا، في شكل أثار الدهشة والفضول، وعبثا حاول الجميع توقيفها أثناء العمل، وتشغيلها أثناء الغلق، وضربت كل تدخلات المرصصين في الصفر، وباءت كل محاولاتهم بالفشل. وأضاف محدثنا بأنه خرج في إحدى الليالي لقضاء حاجته، واستغرب وجود منظفة في حدود 11 ليلا، وبعد أن دخل وخرج اختفت كلمح البصر ولم يجد لها أثرا.وتحدث آخر عن مزرعة رئاسة جامعة الموروثة من العهد الاستعماري ويخشى الجميع الدخول إليها لأسباب مبهمة، كما أحصى محدثنا قصصا أخرى خاصة تلك المتعلقة بوجود شخصيات غريبة لا تكاد تغادر الغرف.وتبقى هذه مجرد لقطات رصدت هنا وهناك، وواقع الإقامات والجامعات يخفي الكثير منها، لا تزال ذاكرة الطالب تحتفظ بها.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات