+ -

غيرت محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا من ملامح الخارطة السياسية والأمنية وحتى الدبلوماسية، وتركت بصمات واضحة عليها، بحيث دفعت القيادة التركية إلى تدشين “عصر” جديد في تعاملها مع المعارضين الذي لهم صلات بجماعة “الخدمة”، وشن حملة اعتقالات وتحقيقات وصفت بالأولى في التاريخ، وتركزت على قطاع التعليم والشؤون الدينيةوسلك القضاة والشرطة والعسكر، إلى جانب الدخول في سجال مع الولايات المتحدة ومسؤولين أوروبيون حول تنفيذ الإعدام وتسليم فتح الله غولن. تعاظمت المخاوف من تحول هذه الحملة إلى غطاء في يد أردوغان للهيمنة على السلطة بشكل مطلق، وإزاحة أو تخويف “المعارضين الراديكاليين” لحكمه، خاصة في ظل غياب تحقيقات ومحاكمات تبين تورط كل هؤلاء الآلاف الذين تم اعتقالهم وتسريحهم وعزلهم.أما جماعة “الخدمة” التابعة للداعية فتح الله غولن، الموصوفة من طرف أردوغان بـ”الكيان الموازي”، فإن زعيمها نفى، أمس، في تصريح لأهم وسائل الإعلام بأمريكا، نقلته صحيفة “زمان” التركية، كل ادعاءات السلطات التركية حول ضلوعه في محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا. متحدياً إياهم بطلب تشكيل لجنة تحقيق دولية للكشف عن ملابسات الانقلاب. وأكد أنه سيقبل أية نتائج يتوصل إليها هذا التحقيق مهما كانت.  وتابع غولن “إن كان هناك ادعاء من هذا القبيل، فلتتول لجنة دولية التحقيق في الأمر. وليقرر العالم ما إن كانت هذه الادعاءات حقيقية أم لا وفقا لنتائج تحقيق هذه اللجنة، وأنا مستعد لقبول النتيجة حتى ولو كانت مليئة بالأكاذيب، وحتى لو استأجروا شهوداً كذابين مقابل الأموال ليوقعوا على أوراق ووثائق تتضمن تلك الافتراءات”.وفي إجابته على سؤال لأحد الصحفيين حول تعليقه على أقاويل قيام أردوغان بسيناريو كهذا من أجل توطيد قوته داخل الجيش، قال غولن: “لا أستطيع وصف كل ما حدث خلال محاولة الانقلاب بأنه مجرد سيناريو قبل أن يتم تحقيق شامل حول ملابسات الحادث. وهذا الوصف يكون من قبيل الافتراء. والمؤمن لا يفتري على أحد”.وقال غولن “لقد تقدمت السلطة الحاكمة في تركيا عدة مرات إلى رئاسة الأركان العامة وطالبتها بطرد العسكريين الذين لا يبايعونها ولا يفكرون مثلها بتهمة “الانتماء إلى الكيان الموازي”. ومن المحتمل أنها فرضت وأملت ذلك على رئاسة الأركان”. مرجحا أن يكون الأمر سيناريو تم إعداده من جهة ما.وتعد حملة الاعتقالات والتسريح من الوظائف التي تشنها الحكومة التركية هي الأوسع نطاقا على الإطلاق في أعقاب محاولة انقلاب عسكري فاشلة. لكن هذه الحملة ليست الأولى، حيث شهدت السنوات الثلاث الأخيرة عمليات اعتقال وتسريح وتبديل بكوادر موالية لفكر النظام الحاكم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات