38serv

+ -

تصنف المنظمات الدولية، الجزائر في المرتبة الرابعة عالميا من حيث ضحايا حوادث المرور، وترجع الجهات الرسمية أسباب هذه الحوادث إلى عدم احترام السائقين لقانون المرور ونقص صيانة بعض المركبات، وبدرجة أقل وضعية الطرق، غير أن هذه الإحصائيات لا تولي العناية لتلك الحوادث التي كثيرا  ما يتسبب فيها بعض المتهورين، الذين لا يعيرون أدنى اهتمام لحياة البشر.أضحى من المألوف أن يصادف مستعملو الطرق شاحنات تسير ببطء والحصى يتطاير من حمولتها، ما يجعل سائق السيارات التي تسير خلفها يحاولون تجنبها لتفادي تعرض زجاج مركباتهم للكسر، إما بتخفيض السرعة إلى أدنى مستوياتها، أو تجاوز تلك الشاحنة، وكلتا الحالتين قد تتسبب في وقوع حوادث مميتة، مثلما حدث للشاب “بوعلام” الذي كاد يفقد حياته منذ حوالي سنتين بالطريق الرابط بين سور الغزلان والبويرة، عندما حاول تجاوز شاحنة كانت تقذف الحصى من حمولتها، فاصطدم بسيارة أخرى، فحمّله المحققون مسؤولية الحادث دون أن يذكر في المحضر سائق الشاحنة، علما بأن ظاهرة تطاير الحصى من الشاحنات بهذا الطريق والطريق الوطني رقم 5 تسببت في وقوع عدة حوادث مميتة، ما يدعو للتساؤل عن سبب عدم توقيف الشاحنات التي لا تحترم الاحتياطات الوقائية في الحواجز الأمنية المنتشرة بكثرة في طرقنا. والغريب هو عندما طرحنا سؤالا على أحد أفراد الدرك عن السبب، أجابنا بأنه على صاحب السيارة أن يحترم مسافة الأمان الفاصلة بينه وبين الشاحنة، وهو جواب غير مقنع من منطلق أن بعض الشاحنات تسير بسرعات جد منخفضة لا تتعدى 20 كلم في الساعة، ما يجعل سائقها تحت طائلة ارتكاب مخالفة عرقلة السير! وحتى وإن احترمنا تلك المسافة، فإن الحجارة المتطايرة تصل إلى زجاج السيارة، فلا يبقى أمام الضحية إلا انتظار تضرر مركبته وارتفاع درجة حرارة المحرك، أو التوقف أو المجازفة بتجاوز شاحنات الموت، علما بأن هذه الظاهرة التي تفاقمت في طرقنا بشكل خطير، لا تدرج في إحصائيات المحققين من مصالح الشرطة والدرك والحماية المدنية من ضمن أسباب وقوع حوادث المرور، حيث لا يتم ذكر إلا المركبات المصطدمة أو السيارة المنحرفة بين المركبات المصطدمة، على غرار الحادث الخطير الذي وقع هذا الأسبوع بالطريق السيّار شرق ـ غرب عند مستوى بلدية الأسنام بالبويرة، حين حاول سائق سيارة سياحية تجاوز شاحنة من اليمين، فاصطدم بشاحنة أخرى كانت متوقفة على حافة الطريق، ما أدى إلى مقتل كل ركاب السيارة وهم ستة أشخاص، من بينهم ثلاثة أطفال.سائقون يقتلون ضحاياهم بدم باردإضافة إلى ما ذكر، هناك الكثير من الحوادث المميتة تسبب فيها سائقون متهورون، وهي ترقى إلى مستوى جرائم القتل العمد، وهو ما حدث منذ سنوات قليلة لأستاذة في التعليم بالطريق الوطني رقم 5 بالمدخل الشرقي لمدينة البويرة، حين كانت تقود سيارتها ذات الحجم الصغير، حيث اقتربت منها سيارة كان على متنها متهورون ـ حسب شهود عيان ـ فاقتربت تلك السيارة من مركبتها وصدمتها بطريقة متعمدة من الخلف، فارتبكت المسكينة وفقدت السيطرة على سيارتها واصطدمت بشاحنة، ما أدى إلى مقتلها في عين المكان، في حين فر الجناة دون أن يتعرف عليهم أحد.ومنذ حوالي شهر، كاد أستاذ جامعي يفقد حياته بالطريق السيّار شرق في الجزء الجارية به أشغال إعادة التهيئة في بلدية قادرية. فبينما كان يسير باتجاه العاصمة، صدمته شاحنة كانت تسير في الاتجاه المعاكس، بعدما تجاوزت سيارة أخرى، فقطعت مقطورتها سيارة الأستاذ من مقدمتها إلى مؤخرتها وفر سائقها دون أن يتوقف، حيث أن حالة الاكتظاظ لم تسمح للضحية برؤية لوحة ترقيم تلك “الشاحنة المجنونة”.حادث آخر شهده، العام الماضي، الطريق الوطني رقم 5 أدى إلى مقتل 5 أشخاص كانوا على متن سيارة اصطدمت بشجرة، بعدما حاول سائقها تجنب شاحنة لم تتوقف بعد المجزرة وكانت في حالة تجاوز.وحسب شهود عيان، فإن الكثير من حوادث المرور المميتة التي شهدها الطريق السي”ار شرق ـ غرب بمنعرج “بلحنش” الواقع في بلدية جباحية، تسبب فيها أشخاص متهورون كانوا يسيرون بسرعات جنونية، ثم يضغطون بالأضواء أو المنبهات على من يسير أمامهم ليفسح لهم الطريق، لينتهي الأمر بمجازر حقيقية دون أن يتم الوصول إلى المتسببين في وقوعها.ملاسنات تنتهي بشجاراتوثّقت الجهات القضائية، خلال السنوات الأخيرة، عدة جرائم واعتداءات جسدية وقعت في مختلف طرقنا، تسبب فيها سائقون متهورون كانت نهاياتها مميتة، كالجريمة التي شهدها منذ حوالي 6 سنوات الطريق الوطني رقم 5 عند مستوى قرية قالوس بالبويرة، حين أخرج شاب مسدسا ووضعه في فم سائق شاحنة بمقطورة وأطلق عليه النار.وحسب ما جاء في تحريات المحققين آنذاك، فإن الجريمة وقعت في إحدى ليالي شهر رمضان عندما كان الجاني عائدا على متن سيارته من مسكنه بولاية سطيف، إلى مقر عمله بالعاصمة. وفي الطريق، ضايقه صاحب شاحنة وراح يعرقل سيره لمسافة طويلة. وقبل وصوله إلى قرية زبوجة، تمكن من تجاوز الشاحنة. وعندما وصل إلى مكان مسرح الجريمة، أغلق بسيارته الطريق الذي كان خاليا من الحركة في تلك الساعة من الليل، ولما توقفت الشاحنة اقترب من نافذتها ووضع مسدسه في فم السائق وأطلق عليه النار، ثم فر تاركا ضحيته غارقا في دمائه، ليتم القبض عليه بعد أسابيع من ارتكابه جريمته.وفي شهر سبتمبر من عام 2012، نزل سائق من سيارته وتوجه نحو شاب دهسه بأحد شوارع مدينة تيبازة، ثم أخرج مسدسه وصوبه نحو ظهره وأطلق عليه النار، ثم عاد إلى سيارته وفر نحو وجهة مجهولة. ولعل أغرب حادثة من هذا النوع، تلك التي وقعت خلال شهر جوان 2011 في ولاية عين الدفلى بالطريق الولائي رقم 42، حين نشبت ملاسنات بين سائقين، الأول شيخ يبلغ من العمر 78 سنة، وآخر سنه 62 سنة، فأخرج الشيخ مسدسا وأطلق على خصمه النار دون أن يصيبه.حادث آخر عرفته منذ سنتين بلدية الدار البيضاء بالعاصمة، حينما وقعت ملاسنات بين سائقين كانا يسريان في الطريق السريع ودون أن يتوقفا، أخرج أحدهما مسدسه وأطلق النار باتجاه السائق الآخر، فأصابه برصاصة قاتلة وانقلبت سيارته وفر الجاني نحو وجهة مجهولة، ما جعل الجميع يتساءلون عن هوية هؤلاء الذين يحملون أسلحة حربية ويطلقون النار على خلق الله في الطرق، دون أن يتم القبض عليهم، علما بأن هذا النوع من الأسلحة لا يسمح بحمله في الجزائر إلا لبعض الأشخاص الذين يشغلون وظائف محددة وأعوان الأمن. ومنذ يومين، صادفنا عراكا وقع بين شخصين قرب مفترق طرق واقع في وسط مدينة البويرة، تسبب فيه متهور راح يضغط بمنبه سيارته على سائق توقف احتراما للقانون أمام إشارة “قف”، الأمر الذي لم يعجب سائق السيارة التي كانت خلفه، فانتهى الأمر بتبادل اللّكمات.وآخر جريمة وقعت للسبب ذاته؛ تلك التي راح ضحيتها خلال الأيام الأخيرة الشاب “مامين” الذي قتل في منطقة “الربعطاش” بولاية بومرداس بالطريق السيّار شرق غرب من طرف شقيقين، بعدما تطورت ملاسنات وقعت بينهم إلى عراك انتهى بجريمة قتل شنيعة.مثل هذه الوقائع الخطيرة التي باتت تهدد أمن الأشخاص وممتلكاتهم، جعلت الموطنين يطالبون بتوسيع الرقابة على السائقين وعدم حصرها في وضع الرادارات واصطياد من يستعملون الهاتف المحمول وحزام الأمن، بل الأمر يستدعي مراقبة أوزان الشاحنات ومعاينة مدى احترام سائقيها للاحتياطات الأمنية، مع فرض سلطة القانون على الجميع دون استثناء، لاسيما الشاحنات التابعة للشركات التي تملكها شخصيات النافذة، فهي كثيرا ما لا تحترم قوانين المرور وتتسبب في الحوادث المميتة، وكذا تشديد العقوبة على المتهورين والمجرمين الذين يضايقون ويعتدون لفظيا وجسديا على السائقين في الطرق، حيث نجد من بينهم شخصيات أو أبناء من يعتبرون أنفسهم فوق القانون، مع ضرورة تأمين الطرق الكبرى، كالطريق السيّار بتكثيف الدوريات ووضع كاميرات المراقبة في النقاط السوداء للتعرف على المجرمين والمتسببين الحقيقيين في بعض الحوادث.كما نصح كل الذين تحدثنا إليهم في الموضوع كل السائقين بعدم الاستجابة لاستفزازات مجانين الطرق، وتجنب التوقف لمجابهتهم مهما كان السبب، فالقوي هو من يحسن التصرف ليعود إلى أهله سالما. 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات