38serv

+ -

 لم تجد المرأة من سبيل لاتقاء شر اعتداء زوجها الذي أرغمها على مشاركته وصديقه أفعالهما الإجرامية المتمثلة في النهب والسرقة تحت تهديد السلاح، سوى الإذعان لطلبه في الأخير، قبل أن تتورط وتضطر مرة أخرى للوقوف داخل القفص لإبعاد التهمة عن نفسها.تلك وقائع القضية التي نظرت فيها أول أمس محكمة الجنايات بمجلس قضاء المسيلة، والتي ترجع تفاصيلها إلى شهر أوت من السنة المنصرمة، عندما تقدم الضحية وهو صاحب سيارة نقل حضري إلى مصالح الدرك الوطني لبلدية المطارفة بولاية المسيلة، بشكوى تفيد أن 3 أشخاص مجهولين من بينهم امرأة قاموا بالاعتداء عليه وتهديده بواسطة السلاح وإرغامه على التنازل لهم عن سياراته من نوع “بيجو 307”، وجاء في مضمون شكوى الضحية أن المتهمين طلبوا منه نقلهم إلى بلدية المعاضيد مقابل مبلغ 600 دينار، وفي طريق عودتهم من هذه الأخيرة أمره الذي كان يجلس بجواره بالتوقف في مفترق الطرق بأولاد دراج لتمكين المرأة من قضاء حاجتها، ولما رفض أخرج المتهم الثاني مسدسا ووضعه فوق رأسه، فيما استل الأخر سكينا وحاول طعنه بعد أن وجه له عددا من اللكمات على مستوى وجهه، عندها خرج من السيارة التي ركبها المتهمون وفروا إلى وجهة مجهولة..الضحية: كان لدي إحساس بأنها “كورسة” مشؤومة  “كان لدي إحساس أن هذه الكورسة مشئومة، لكن قلة المردود المادي الذي أجنيه من طوافي من الصباح حتى المساء داخل المدينة، وحاجتي إلى المال لسد بعض الديون التي على ذمتي، جعلتني أوافق على الفور ظنا مني الأمر يتعلق بعائلة اضطرتها الظروف للتنقل لقضاء واجب عائلي، لكني حُرمت من اللحظة، فأولاد الحرام لم يتركوا لأولاد الحلال حاجة كما يقال.. بهذه الكلمات كان الضحية الذي كاد يفقد حياته من أجل حفنة دنانير يخاطب المحققين، ويؤكد لهم أنه لولا لطف الله لكان اليوم في عداد الموتى، لقد أوهموه أنهم عائلة وكان حديثهم ينبئ عن ذلك، لقد حبكوا القصة جيدا وانطلت علي الحيلة رغم الشعور بالانقباض الذي كنت أكابده وأنا أشق إسفلت الطريق الخالي باتجاه بلدية المعاضيد، وزاد من إحساسي بأن شيئا ما سيحدث في طريق العودة حالة من الارتباك لم أعهدها من قبل، وحدث الذي توقعته، ولا يسعني في هذا الظرف إلا أن أوجه نصيحة لزملاء لي في المهنة أن لا يثقوا في أي زبون، بعد أن أضحى أصحاب هذه الأخيرة مستهدفين وحياتهم في خطر، وأي منهم معرض في أية لحظة لنفس مصيره.التحقيق يكشف المرأة اللغز ويلقي القبض على أفراد العصابة فور هذا البلاغ، سارعت مصالح الدرك الوطني إلى استنفار وحداتها وفرقها المتواجدة عبر مختلف السدود والمفاصل بحثا عن السيارة وأفراد العصابة، والنبش والتحليل المستفيض في تصريحات الضحية والملابسات التي وقع فيها الكمين الذي وقع فيه الضحية، قبل أن تقودهم معلومات تم استغلالها في الوقت المناسب إلى فك لغز المرأة التي كانت رفقة أفراد العصابة التي تم التعرف على هويتها والتوصل إلى مكانها، حيث تم اقتيادها إلى مقر الفرقة لاستجوابها، وبدون جهد يذكر سارعت المرأة إلى كشف تفاصيل القضية برمتها ودلت على أفراد العصابة، وقالت إن زوجها وصديقه هما الرأس المدبر لعملية السرقة التي استهدفت الضحية، وهما من خططا لها.المرأة: زوجي هددني بالقتل إن لم أشاركه فعلتهلدى استجواب المرأة في محضر رسمي حول تفاصيل القضية وكيف تم التخطيط لها، أفادت للمحققين بأن زوجها هو من طلب منها مرافقتها وصديقه لغرض السرقة، ولما رفضت قام بصفعها وتهديدها بالقتل إن هي لم ترضخ لطلبه بالذهاب معه إلى المسيلة على متن سيارة تعود لهذا الأخير، وفي أثناء الطريق تعطلت السيارة، واسترسلت في سرد وقائع سرقة سيارة الضحية السابقة الذكر، والتي أخبرها زوجها فيما بعد أنه تصرف فيها وباعها بمبلغ 9 ملايين سنتيم واقتسما المبلغ سويا رفقة صديقه، وهما اللذان تم القبض عليهما لاحقا بعد أن دلت عليهما.كما تأكد للفرقة المعنية أن مسار التحقيق في الاتجاه الصحيح، وأن المعلومات التي سردتها المرأة أفادت في استخراج إذن بالتفتيش من قبل وكيل الجمهورية لمنزل الزوج الذي عُثر بحوزته على بندقية تقليدية و10 كبسولات و5 خراطيش، بالإضافة إلى 7 غرامات من مادة البارود الأسود وسيف تقليدي كانت تستعمل في تنفيذ عمليات الاعتداء والسرقة على مستوى المفترقات والطرق الخالية من المارة. ممثل الحق العام: الوقائع خطيرة ولابد من تشديد العقوبة على المتهمينلم يتوان ممثل الحق العام في التماس تشديد العقوبة على المتهمين الثلاثة وتسليط حكم المؤبد في حقهم، واستند خلال مرافعته إلى خطورة الوقائع وإضرارها بسكينة المجتمع وأمن المواطنين، وجعلها طرقات الولاية مناطق يعشش فيها الخوف والرعب من جراء عصابات السرقة الذين عادة ما يستهدفون ضحاياهم، وقد يصل بهم الأمر عادة إلى إزهاق الأرواح من أجل سيارة أو حتى حفنة من الدنانير، ما أضحى يشكل خطرا كذلك على الكثير من مقومات فعل الخير بين المواطنين وانتفاء حسن الظن فيما بين الناقلين وآخرين قد يكونون في أمس الحاجة للتنقل هنا وهناك، وهو ما قد يفضي كذلك إلى انحسار مساحة الخير على حد قول ممثل الحق العام.النطق بالحكمبعد المداولة القانونية، خرجت هيئة المحكمة بمنطوق حكم يقضي بمعاقبة الزوج وصديقه بـ15 سنة سجنا نافذا، فيما برأت ذات الهيئة ساحة الزوجة من التهمة المنسوبة إليها، ليسدل الستار على قضية قد لا تكون الأولى ولن تكون الأخيرة، فغيرها كثير تحفظه سجلات العدالة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات