+ -

 تفصل العدالة اليوم في قضية “الخبر” ومصير مسؤولي قناة “كا.بي.سي”، من يتحمّل مسؤولية ما يجري؟ لو كان الرئيس (على ديدانه)، فإنه كان سيتفطن لما يجري قبل أن يحدث. وهذا من شيم كل مسؤول سياسي نبيه لا يترك مجريات الأحداث تصل إلى ما هي عليه الآن ثم يختبئ. أولا، مؤسسة “الخبر” ليست مؤسسة خيرية أو تهريجا أو تنشيطا اجتماعيا في حي من الأحياء، هي مؤسسة إعلامية لها وزنها ومتواجدة منذ ربع قرن، وفي العالم بأسره، تحظى وسائل الإعلام بالاهتمام والانتباه من قبل السلطة. ثانيا، كل من يكتب في جريدة مؤثرة، كـ«الخبر”، ينقل في التقارير اليومية للرئيس.وما جعل هذه القضية تتخذ طابعا حساسا للغاية، هو إقدام مالكي الجريدة على بيع أسهم منها لرجل أعمال جزائري لا يستهان به وأثبت كفاءته ويستثمر في الخارج على غرار البيرو وفرنسا، بوجه عار وغير مخفي، ويخلق مناصب شغل ويحقق أرباحا بالدينار والعملة الصعبة، وتوجه للاستثمار في المجال الإعلامي، كان الأجدر التفطن لهذا الأمر من قبل وليس إدخاله و«الخبر” والعدالة في أزمة.تتكلم عن أزمة، هل من توضيح؟ تفسيري أن كل ما حدث، إنما نتج عن غياب الإمكانيات الرئاسية في هذا الموضوع. في العادة الرئيس يشخص الداء ولا يتجاهله، وثانيا يقوم بوصف الدواء الحقيقي للمشكل وليس اللجوء إلى المشعوذين، لأن هذه القضية شوكة في حلق السلطة، ورغم أنها تلقت التنبيهات بذلك، بداية من “الخبر”، إلا أنها أصرت على تجاهلها إلى أن تعفن الحلق الذي أصبح بحاجة إلى عملية جراحية لإزالة العفن والشوكة معا، وهو ما دفعهم إلى تكليف العدالة بالمهمة، وأهمية هذه الأخيرة في ظل التعددية والفصل بين السلطات، ليست أقل من أهمية الرئاسة، وعلى هذا الأساس كان من المفيد تفادي توريط العدالة في إيجاد حل يضرها ويضر بكل المؤسسات. كان الأجدر حماية العدالة لكي تتمكن من حمايتنا ولا نزج بها في قضايا حلها ليس قضائيا بل يوجد في معالجة سياسية وإدارية. للأسف، السلطة جعلت من “الخبر” و«ربراب” خصما، في حين أن الإعلام الأجنبي لا يعوض الجزائري والمنتج الأجنبي لا يعوض الجزائري.برأيك لماذا الخوف من “الخبر” ومن ربراب؟ لقد طالبت قبل اليوم بأن يجتهد الوزير الأول في البحث عن طريق آخر غير طريق العدالة لإنهاء المشكل. لماذا يخافون من “الخبر” وربراب، ولكليهما نقاط قوة من المجدي الاستفادة منها، خاصة وأن القانون لا يمنع الصفقة المبرمة بين الطرفين، وإلا كان يجب التدخل قبل إنهائها، أي بمجرد تداول أخبار الصفقة في الصحافة الوطنية.هل يدخل حبس مسؤولي “كا.بي.سي” ضمن منظور العلاج السياسي والإداري؟ نعم، لأن القوانين تحميهم لكي لا يتعرضوا للحبس الاحتياطي. الحل يكمن في تطبيق القانون. نحن نثق في العدالة لإنصافهم، خاصة وأن الدستور الجديد يمنع حبس الصحفيين. ثم إن السجن لا يقدم في شيء. نحن نتضامن مع إطارات القناة، وهذا لا يعني أنني ضد السلطة، لكن لا أقبل أن تحسب علينا مثل هذه التصرفات.قبل يومين أفرجت السلطة عن الجنرال بن حديد، ما قراءتكم لهذا القرار؟ إنه خبر مفرح وسار لكل مجاهد أصيل. الحمد لله، لأن العطاء الذي تميز به الجنرال بن حديد، في خدمة الثورة وجيش التحرير الوطني، لا يقبل ولا يستحق السجن الذي مرّ به، واغتنم سؤالك لأرجع إلى إيمان العجائز ونسلّي أنفسنا بما يقال في النشيد الثوري (سماح رباح لبابا ولدي.. مكتوبة من عند العالي).كيف تقرأون الوضع السياسي والاقتصادي الراهن للبلاد؟ الوضع الاقتصادي والاجتماعي متأزم. وفهم الأسباب عملية سهلة، لأنها مرتبطة بتراجع أسعار البترول والأداء الاقتصادي والمؤسساتي الهزيل. سبق وأن عشنا ذلك في بداية الاستقلال وفي منتصف الثمانينات، وأيضا في نهاية التسعينيات. الحل برأيي لا يخرج عن إطار إشراك الجميع في تحسين الواقع. طموحات الشعب كبيرة، مقابل موارد مالية ضعيفة. بالأمس، وثق الشعب في مؤسساته واستقبل إجراءات الخروج من الأزمة بتأن. ما الفرق بين ممارسات النظام اليوم وفي وقت سابق؟ بالأمس كان النظام، ولو تحت الحزب الواحد، يتمتع بالمصداقية والنوايا الحسنة والأداء الفعال، ما أضفى الجدية في قراراته وعززته الثقة فيه. اليوم ونحن في تعددية، طريقة تسيير شؤون البلاد تختلف عن حقبة الحزب الواحد، وبالتالي نحن بحاجة إلى عنصر جامع يشرف أو يتابع إدارة شؤون البلاد كي يطمئن الرأي العام. اعتقد بأن هذا التطلع صعب التحقيق حاليا. إدارة الأزمات من اختصاص مؤسسات تتابع البرامج بشكل يومي وفقا لرزنامة زمنية محددة. لكن أداء المؤسسات اليوم وخاصة مؤسسة الرئاسة، هي عنصر القياس عند العامة والملاحظين، بعبارة أخرى “الكلمة الرئاسية” اليوم، وبحكم الوضع الصحي للرئيس، تناقصت وتقريبا أصبحت مفقودة. فالرجل مريض منذ 2013 والكلمة المكتوبة لا تعوض الحضور والكلمة المسموعة للرئيس. لما يكون الرئيس صحيحا وفاعلا، فإن الأطراف الخارجية تأخذ ذلك بعين الاعتبار، لكن لما يضعف فإن كلمة الجزائر تصبح غير معتد بها. برأيي، لهذا الوضع تأثيرات على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، لأننا نفتقد للعنصر السحري وهو الأداء والفعالية الرئاسية التي تحتاج إليها عملية تنفيذ واحترام التعليمات الحكومية، مثلما كان يفعل ذلك بن جديد وبوتفليقة. وخير دليل على ذلك التخبط الحاصل في التعامل مع قضية “الخبر” وقناة “كا.بي.سي”.مؤخرا انتخب إبراهيم غالي أمينا عاما للبوليزاريو ورئيسا للجمهورية الصحراوية، ما موقفكم؟ هذا الاختيار يثبت مدى وعي القيادة والشعب الصحراوي لأنهم واجهوا الحدث المحتوم بوفاة الرئيس محمد عبد العزيز بعد 40 سنة من الكفاح، وحافظوا على وحدة الصف وسلامة الرؤية وسداد الرأي في القيام بمهمة تحرير الشعب والوطن. أنا متفائل بانتخاب المجاهد غالي، الذي يعني الدخول في المرحلة الحاسمة نحو تحرير الصحراء الغربية. وإذا صحّت المقارنة، لقد وصلنا إلى مرحلة الرئيس الراحل بن يوسف بن خدة، الذي كان من نصيبه قيادة الثورة ومواجهة مفاوضات إيفيان كللت برضوخ فرنسا أمام الواقع وقوة ثورة التحرير. هذه مرحلة الأخ غالي وهي التي ستوصل القضية الصحراوية إلى استفاقة الطرف المغربي.إلى أين وصل صراعكم مع القيادة الحالية للأفالان؟ منذ 29 أوت 2013 وأوضاع الحزب خارجة عن القانون والخرق متواصل لحد الآن. الحزب ليس له لجنة مركزية المتمخضة عن المؤتمر 10، الذي نطالب بإلغائه ونتمسك باللجنة المركزية التي أفرزها المؤتمر 9. الملف لدى العدالة والحجج متوفرة أكثر من اللازم، ومنها أن استدعاء المؤتمر من صلاحيات اللجنة المركزية التي لم تستدعه، ورئيس الحزب وهو الأخ عبد العزيز بوتفليقة الذي لم يقم بذلك. أما فيما يخص المشاركة في المؤتمر، فكانت خارج القوانين وتم استحداث محافظات خرقا للمادتين 48 و49 من القانون الأساسي، وغيرها من الخروقات. لقد أعددنا ملفا دقيقا يثبت أن ما حدث في 29 أوت 2013 حتى ماي 2015 مخالف للقانون والاجتهاد القضائي لمجلس الدولة الذي ألغى المؤتمر 8 بسبب مشاركة محافظات خارج النصوص الحزبية وقانون الأحزاب. إن السطو على الأمانة العامة والمكتب السياسي وعضوية اللجنة المركزية مخالف للقانون، وهو أمر مرفوض.إن موقفنا يحظى بتأييد من القاعدة النضالية وداخل المجلس الشعبي الوطني وأكثر من 120 نائب رافضين التفسخ، الذي أصاب الحزب في هيئته العليا وقواعده، كما له تأييد في أوساط الإطارات القديمة للحزب وفي الساحة السياسية.وما تصوركم للحل؟ إن الحل في القانون وهو في متناولنا والصيغة القضائية هي المفضلة في مثل هذا الملف الشائك. أوجه نداء لتبديد الشكوك حول مصير الحزب ومكانة إطاراته حاليا ومستقبلا، وأن الممثل الحقيقي للحزب هو لجنته المركزية المنتخبة في المؤتمر 9.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات