اللامبالاة تفقد شابا حياته بعد أن فتك به مرض مجهول في المدية

38serv

+ -

لم يلمس رياض أي أمل في النجاة من قيء وإسهال مفاجئين داهماه قبيل عيد الفطر، لتنتهي رحلة بحث عائلته عن علاج له عبر خمسة مستشفيات إلى موت مأساوي على سرير بمستشفى المدية. وقد أتى المرض الذي بقيت هويته مبهمة على آخر أنفاسه، وتحفظ حالته في ذهن مقربيه وعائلته كضحية ضد مجهول، لأن الجاني شخص معنوي اسمه اللامبالاة.الضحية الذي لم يتعد عمره 18 سنة نقل إلى مستشفى بلدته قصر البخاري، حيث مكث خمسة أيام متلقيا علاجا سطحيا بمهدئي “دوليبران وسميكتا” دون جدوى حسب أحد الشهود، ليتم تحويله على متن سيارة إسعاف عشية عيد الفطر إلى مستشفى المدية بغرض إجراء كشف أولي “سكانير” له، وإخضاعه لعملية جراحية بعد أن خضع لعملية دياليز أولى اعتقادا بأن حالة من التعفن والسيلان بدأت تزحف على أعضائه الداخلية.وبعد مكوثه بين يدي الجراح المناوب بمستشفى عاصمة الولاية وقتا محرجا في انتظار حضور طبيبة الإنعاش المناوبة، حاول الطبيب الجراح بوسائله الخاصة الاتصال بطبيبة إنعاش بديلة تقطن بالقرب من المستشفى، بهدف الإسراع في إدخال رياض إلى غرفة العمليات الجراحية، إلا أن الطبيبة البديلة اعتذرت بأنها ليست في حالة عمل، في حين بدأت حالة المريض تتحول إلى غيبوبات متوالية وأحيانا في شكل سكتات قلبية، لينتهي قرار الطبيب الجراح أمام غياب طبيب إنعاش إلى نصح أهل رياض بالإسراع بنقله نحو مستشفى فرانس فانون في البليدة، لأن حالته لا تحتمل مزيدا من انتظار قدوم طبيبة الإنعاش.“تم استقبالنا من طرف طبيبة أخصائية في الإنعاش بعد أن طرقنا باب مستشفى فرانس فانون ساعة قبل حلول موعد أذان إفطار آخر يوم من رمضان، وكان الطبيب الجراح المناوب بالمصلحة منكبا على إجراء عملية جراحية لمريض آخر، إلا أنه خرج إلينا من غرفة العمليات ليقر بعد كشف قام به بأن حالة رياض لا تستدعي إجراء عملية جراحية، لنجد أنفسنا موجهين بواسطة رسالة حررتها طبيبة الإنعاش بمستشفى فرانس فانون إلى طبيب مختص في الأمراض المعدية بمستشفى بوفاريك، حيث تم القيام ببعض الكشوفات والتحاليل، وجهنا بعدها إلى طبيب أخصائي في أمراض الدم الذي وجهنا بدوره عقب دراسة الملف الطبي لرياض في اجتماع مصغر مع معاونيه إلى أخصائي في أمراض الكلى بمستشفى القليعة، بغرض القيام بالتحاليل الخاصة بإجراءات مثول رياض لعمليات دياليز أخرى، حيث تقرر بعد نتائجها إعادته نحو مستشفى قصر البخاري، مصحوبين برسالة من طبيب أمراض الكلى بمستشفى القليعة، وكان ذلك صبيحة أول يوم من عيد الفطر، لكن حالة رياض لم تزدد سوى سوءا، ما تطلب أمام نقص وسائل الإنعاش في مستشفى قصر البخاري نقله مرة أخرى وفي حالة متقدمة من صراعه مع الموت إلى مستشفى المدية، وحينها طلب رياض من أحد مرافقيه منحه هاتفه النقال آخذا صورة لنفسه شرع في إرسالها إلى أصدقائه، ناعتا إياها بأنها آخر صورة، طالبا الصفح وعازما على لقاء ربه، حيث أجريت له عملية جراحية أثبتت بعد فوات الأوان أنه كان يعاني من التهاب في البنكرياس، انتقل خلال تقاذفه بين أيادي خمسة مستشفيات إلى عموم أعضائه الداخلية موديا بحياته”، يقول أحد الشهود من مرافقيه وعيناه تدمعان مما آل إليه حال الطب وأخلاقيات مهنته ببلادنا، ليودع رياض هذا العالم وسط جموع جريحة لمصابه وعائلته من شباب وأبناء مدينته، اكتظت بها جنازته عبر أهم شوارع المدينة صبيحة السبت الماضي كما بمقبرة قصر البخاري وكلهم آلام وذهول وحسرة على الوجوه ليس على ضياع رياض لأنه لا هروب من القضاء والقدر ولكن على مآل وفظاعة أصبحت تصنعها اللامبالاة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات