38serv

+ -

 خمدت ألسنة اللهب وزال الدخان ولم يبق سوى الرماد ورائحة النيران التي تسكن أرجاء البيــــــوت، إنها مخلفات الحرائق المهولة التي امتدت لعدة كيلومترات على مساحات غابية وجبلية وزراعية بولايات بومرداس، جيجــــــل، بجاية، والبليدة. “الخبر” تعود إلى عمق المناطق التي أحرقتــــــــها ألسنة اللهب، ونقلت صور الخراب الذي لحق بممتلكات المواطنـــين.من تيجلابين إلى غاية الثنية ببومرداس، التهمت النيران الأخضر واليابس فلا زيتون ولا نحل ولا تين، وهكذا غابت الصورة الخضراء عن جبال الثنية وتيجلابين وغزا السواد تلك القمم.سكان قرية أولاد صالح والقرى التي مستها النيران استفاقوا يوم أمس على صورة سوداء رسمها الفحم والرماد، يقول “مراد. م” من قرية أولاد صالح في الثنية إن الأهالي عاشوا جحيما حقيقيا ونجوا من الهلاك.ويقول مراد إن النيران اندلعت في حدود الساعة الثالثة والنصف من مساء الجمعة بقرية العزلة ببني عمران، لتتوسع دائرة الحرائق وتمتد إلى كيلومترات حتى وصلت إلى قرية أولاد صالح بالثنية، حيث أتت على غابات العزلة والمصلية وثابراهيم ومرشيشة وموحوشة وإمهران وبني دواو ووصلت إلى غاية أولاد صالح، وقد ساعدت الرياح في اتساع رقعة النيران. ويكشف محدثنا أن صورة النيران كانت مرعبة، حيث وصل ارتفاعها في بعض الأحيان أزيد من 30 مترا، كما غطى الدخان المناطق المجاورة. أما في بجاية فكادت كارثة 1994 أن تتكرر بقرية تردام ببلدية توجة، لما حاصرت ألسنة اللهب عدة منازل معزولة، ما دفع بقاطنيها إلى مغادرتها في وسط الليل، فيما تدخل العشرات من المتطوعين الذين دخلوا في مقاومة مع ألسنة اللهب التي تم تحويل مسارها نحو وسط الغابة، بعد حفر خنادق طويلة في محيط التجمعات السكنية، وهو ما أعاد إلى ذاكرة السكان مأساة حرائق صيف 1994 التي خلفت 14 حالة وفاة. وبقرية جبلة في منطقة بني كسيلة، الصدمة لا تزال في نفوس السكان الذين عاشوا أكبر حريق في حياتهم على حد تعبيرهم. وقال منتخب بالمجلس البلدي إن المواطنين خرجوا من منازلهم ليصطدموا بحريق مهول مرفوق بصوت مرعب، ما دفع بالكثير من السكان إلى الفرار بسياراتهم والبعض الآخر مشيا على الأقدام.في طريقنا إلى جبلة بمنطقة بني كسيلة، وقفنا على صور منازل مهجورة محاصرة بالرماد ليس من السهل الوصول إليها وأشجار محترقة سقطت في وسط الطريق، ما دفع برجال الأمن إلى تغيير مسار حركة المرور في عدة نقاط.قرية رأس سيقلي الشاطئية لم تنج بدورها، حيث قضى السكان ليلتهم محاصرين بين النار والبحر لعدة ساعات، وكان لا بد من تدخل رجال الإطفاء لفك الحصار عنهم، وامتد رعب تلك الليلة الحمراء إلى قرى إرياحن وإغزر أمقران وتازمالت. وبولاية البليدة وجد أصحاب بساتين وزراعة خضروات بمنطقة القلعة وغروس النار والمخاشف وسيدي سالم في بوعرفة ومناطق جنوب الولاية، أنفسهم ضحايا خسائر ألحقتها بهم النيران التي أتت على نحو 80 هكتارا من الغطاء النباتي يومي الجمعة والسبت الماضيين، قدروها مبدئيا بخسارة قاربت الـ50 مليون سنتيم للفلاح الواحد.واعترف بعض الضحايا لـ”الخبر” بأن قوة الرياح التي ضربت المنطقة زادت من حجم الكارثة، وأنهم رغم محاولاتهم الميؤوس منها قصد التدخل لإخماد النيران بمحيط بساتينهم، وإنقاذ ما أمكن من أشجار مثمرة ومساحات مزروعة بالخضر، إلا أن قوة النيران تغلبت عليهم. وقال بعضهم إنهم أنفقوا ميزانيات وصرفوا أموالا لإعادة إصلاح وحرث الأرض بتلك المناطق الجبلية، وإنهم ركزوا في زراعتهم على غرس أشجار الفاكهة مثل التين والزيتون والخوخ والبرقوق والرمان وزراعة الخضروات وأيضا تربية الحيوانات والنحل، إلا أن النيران قضت على كل استثماراتهم. ويضيف آخر أن النيران أذابت حتى أنابيب السقي بالتقطير، ولم تترك لهم أي أثر لعملهم، وأن قرابة 10 فلاحين ألحقت بهم خسائر تراوحت بين 40 و50 مليون سنتيم.من جهتها، اتخذت إدارة الحظيرة الوطنية لـ”تازة” بولاية جيجل قرارا يقضي بالغلق المؤقت لمغارة الكهوف العجيبة أمام الزوار، كإجراء احتياطي بسبب الحرائق التي اندلعت بغابات منطقة دار الواد ببلدية زيامة منصورية.وحدد مسؤولو الحظيرة مدة غلق المعلم السياحي المذكور بثلاثة أيام، وهو القرار الذي جاء في وقت بدأ الإقبال على المغارة بشكل كبير من طرف المصطافين الذين توافدوا بأعداد كبيرة على شواطئ الكورنيش الجيجلي منذ انتهاء شهر رمضان المعظم.وتمكنت وحدات الحماية المدنية من إخماد كافة الحرائق التي نشبت ليلة الجمعة إلى السبت بمختلف بلديات الولاية، بما فيها حريق منطقة دار الواد ببلدية زيامة منصورية الذي يعد الأكبر والذي خلف لوحده إتلاف أزيد من 50 هكتارا من الغابات والأحراش.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات