+ -

تعيش بلدية واد الطاقة بباتنة، “فتنة” حقيقية بعد إصرار السلطات على إنجاز مصنع للإسمنت ورفض آلاف المواطنين والمحافظين على البيئة إقامة هذا المشروع الاستثماري، الذي قالوا إنه بات يهدد البيئة ويقضي على الثروة النباتية، حسبهم.تضم منطقة واد الطاقة بباتنة مئات البساتين التي تتوفر على 120 ألف شجرة مثمرة، بالإضافة إلى عشرات الهكتارات من حقول القمح والشعير، بفضل توفرها على مخزون ضخم من المياه يضم 42 منبعا للمياه الجوفية، قبل أن تقرر السلطات منح ترخيص لإنجاز مصنع للإسمنت بجوار هذه المحمية الطبيعية، وتثير بذلك “فتنة” وتجندا شعبيا لرفض المشروع الذي سيسيء إلى البيئة والتنوع البيولوجي.وقد احتج السكان من أجل منع هذا المشروع “الاستثماري” الموجود على مكتب وزير الصناعة والمناجم، ووصل صداه إلى البرلمان.ويرى مصعب سعدوني، المكلف بالإعلام لدى أعيان منطقة واد الطاقة، أن القطرة التي أفاضت الكأس وأعادت السكان إلى الاحتجاج؛ هي إبلاغ والي باتنة السكان في زيارته الأخيرة للمنطقة، الشهر الماضي، أن القرار اتخذ ولا رجعة فيه في إقامة المشروع، طالبا منهم عدم إثارة الموضوع من جديد.وأبرز سعدوني في تصريح لـ “الخبر”، أن السكان عازمون على منع إقامة هذا المصنع بكل الوسائل السلمية المتاحة لهم، حيث سيتم تنظيم تجمعات احتجاجية الأيام المقبلة للضغط على السلطات من أجل مراجعة قرارها، مشيرا إلى أن “السكان واعون بأن هذا المصنع سيجلب دمارا بيئيا هائلا على منطقتهم”. وبالموازاة مع ذلك، تجند مئات الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي للتحسيس بقضية واد الطاقة، وإطلاق حملة واسعة على الفايسبوك لمواجهة الآثار البيئية المتوقعة للمصنع الذي تريد السلطات إنجازه في منطقة شهيرة بمروجها الخضراء ومياهها العذبة، واحتضانها لمحمية طبيعية تضم نوعا نادرا من شجر الأرز، غير بعيد عن مدينة تيمقاد الأثرية التي ترجع للعهد الروماني وتصنف ضمن التراث السياحي العالمي.ويؤكد طارق زحزاح، أحد الناشطين في قضية “رفض مشروع مصنع الإسمنت”، أن مصالح بلديتهم تكتمت على مشروع تشييد المشروع وأعطت موافقتها دون أن تستشير أعيان المنطقة وعقلاءها، ليشمل الرفض 14 جمعية في البداية، قبل أن يرتفع أول أمس إلى 95 جمعية تنشط على مستوى واد الطاقة، وبلديات إشمول، فم الطوب، تازولت، سيدي معنصر، تيمقاد وآريس، وهي كلها بلديات سارع عدد من سكانها إلى مساندة أبناء هذه المنطقة في قضية رفض إنجاز مصنع الإسمنت، الذي يرون فيه أنه مشروع غبار وتلويث للبيئة، وأن الموافقة على تشييد هذا المشروع “الاستثماري” قد يساهم في قتل 120 ألف شجرة تفاح مزروعة في أراضي وحقول وادي الطاقة.أما منير زكري، وهو شاب من شباب البلدية، فقال لـ “الخبر “ إن معظم السكان ليسوا ضد الاستثمار، بشرط أن لا يكون يحمل معه الغبار والمضرة للمنطقة المعروفة بطابعها الفلاحي، وأن أي مستثمر يريد إنجاز مصنع بالمنطقة، فهو مطالب بتقديم الفائدة لها حتى يرحب به الجميع.من جهته، برر بوزيد جلال، صاحب المشروع، سبب اختياره بلدية وادي الطاقة لإقامة مصنع الإسمنت إلى توفر المكان على المادة الأولية ووجوده وسط سلاسل جبلية تسهل عملية استخراج تلك المادة الأولية، مؤكدا أن خبيرا معروفا في هذه البلدية هو من قام بالدراسة الكاملة، وأن كل الوزارات المعنية منحت موافقتها على إقامته، بما في ذلك البيئة وكذا الحماية المدنية على المستويين المحلي والمركزي، نافيا أي تأثير للمصنع على النبات والحيوان؛ لأن التلوث لن يتعد الصفر في المائة، وهو ما تثبته الدراسة، حسب قوله، مشيرا إلى أن المصنع يبعد بـ7 كيلومترا عن مقر البلدية و11 كيلومترا عن المنطقة.من جانبها، استغربت النائب سميرة ضوايفية، في سؤالها الكتابي الموجه لوزير الصناعة عبد السلام بوشوارب، من منح “تراخيص استثمار الموت” في منطقة تعد محمية طبيعية، وطالبت بفتح تحقيق عاجل وتوضيح “الأسباب الحقيقية لمنح مثل هذه التراخيص القاتلة لكل مقومات الحياة والاقتصاد الوطني، والمهددة للأمن الاجتماعي بشكل غير مسبوق”.ونقلت النائب معاناة سكان المنطقة بالقول: “مأساتهم بدأت لما اكتشفوا أن بلديتهم كانت محل مشروع “تدميري” تحت مسمى الاستثمار، وذلك بالدوس على كل قوانين الجمهورية والحقوق الدستورية، بالتوقيع على مشروع استدماري”، ممثلا في مصنع الإسمنت بقلب البلدية، وبالضبط فوق سبخة المياه الآسرة وعلى بعد كيلومترات محدودة من المناطق السكنية: “ما سيدمر المخزون الفلاحي للبلدية وكذا مياهها الجوفية والسطحية، ويقضي على ثروتها الغابية والحيوانية، وكذا السياحية، رغم كونها مصدر رزق لكل الساكنة”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات