+ -

تعتبر البرامج الساخرة سلاحا كبيرا في الدفاع عن حرية التعبير، وغالبا ما تواجه تحديات ليس فقط على مستوى القمع، بل أيضا لما تحتاجه هذه البرامج من فطنة وذكاء وقدرة كبيرة على معالجة الواقع وتشريح الظواهر الاجتماعية وتعرية الأنظمة وكشف الحقائق. هذه الملامح المشتركة هي التي صنعت الفرجة والمتعة، ترشد إلى عديد الملفات الخطيرةوتساهم في توعية الشعب على مدار خمس سنوات من عمر برنامج “جرنان الڤوسطو”، الذي لم يكتب له أن يعيش طويلا في موسمه الخامس الموسوم بـ “ناس السطح”. يعتبر برنامج “ناس السطح” جزءا من موجة عالمية من البرامج التي تقدم هذا الفن الراقي في النقد، ولا يمكن الحديث اليوم في فرنسا أو الولايات المتحدة الأمريكية عن حرية التعبير أو الشبكات البرامجية التلفزيونية دون الإشارة إلى برنامج “الغينيول” الشهير الذي راهنت عليه قناة “كنال بلوس” لعقود من الزمن في محاورة السياسيين بأسمائهم، ويصل التحدي إلى الحديث عن رؤساء الدول، وهو ما يزيد من مصداقية البرنامج، حسب الكثير من المراقبين.ما الذي يجعل الأنظمة تحارب هذا البرامج وتخاف منها؟ هذا السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في مصر والعراق والجزائر وفرنسا. فهذه البرامج التي تحوّلت إلى حصن للدفاع عن حرية التعبير، يمكنها أن تختزل للمشاهد طريق القضاء وطريق المحللين السياسيين والتحقيقات الصحفية التي تتناول الفساد والغش المسكون في عقول وقلوب بعض السياسيين، لهذا فما يقدمه البرنامج الأمريكي “ذا دايلي شو” مع الناقد الساخر جون ستيوارت، وألهم برنامج “البرنامج” المصري للإعلامي الساخر الشهير باسم يوسف، يلتقيان في محطة واحدة؛ هي انتقاد الأنظمة وتحدي كبار المسؤولين الفاسدين، ما جعل “البرنامج” المصري يواجه العديد من المضايقات، دفعت إلى توقيفه في مصر عدة مرات، بينما عاش الأمريكي “ذا دايلي شو” طويلا، رغم قسوة الرسائل التي كان يوجهها لكبار المسؤولين.تعيش هذه البرامج دون مضايقات في كنف الأنظمة الديمقراطية، لأنها تنظر إليها كجزء من ركيزة الدولة والدستور الذي يكفل حرية التعبير، بينما تعاني المضايقات والمتابعة في الدول التي تميل إلى “الديكتاتورية”، لهذا لا يتخيل أحد مشاهدة برنامج مثل “ناس السطح” في دولة كوريا الشمالية وهي تحت حكم كيم جونغ أون، أو دول عربية ترفض رفضا قاطعا هذه البرامج، بينما تتسلل بخجل إلى مناخ الحرية المحتشم في دول شمال إفريقيا، كمصر والجزائر وتونس.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات