عائلة سورية تتحسر على حال وطنها وتحلم بالاستقرار

38serv

+ -

تعيش عائلة الصفدي السورية عيدها الثالث في الجزائر بعيدا عن الأهل والأقارب، في محطتها الثالثة بمدينة الأغواط بعدما احتفلت بهذه المناسبة بتيزي وزو وعين الدفلى، وهي تتابع عن بعد صور الدمار والتخريب التي يعيشها وطنها. وقد صادفت هذه المناسبة الدينية نجاح ابنتها البكر زينة في امتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي وحصولها على معدل 10، الأمر الذي جعلها تنتظر تكريم السلطات لابنتها كدعم نفسي للتلميذة والعائلة، بعدما تلقت في الأيام الأخيرة التهاني من الجيران وسكان المدينة وحتى من خارج الوطن.في جلسة عائلية جميلة بمسكن تؤجره العائلة السورية بحي الوئام بمدينة الأغواط، اقتربت “الخبر” من عائلة الصفدي لتقاسمها فرحة العيد، وهي تحتفل بعيد الفطر المبارك لثالث مرة بعيدا عن الأهل والأقارب بالجزائر، وتطمح في الاستقرار في هذا الوطن العزيز الذي اكتشفت فيه مظاهر التآخي والمواساة، خصوصا بعد نجاح ابنتها في شهادة نهاية مرحلة التعليم الابتدائي وحصولها على المرتبة الأولى في ولاية الأغواط بعد تحقيق معدل 10 والعلامة الكاملة في مواد الرياضيات والعربية والفرنسية.استقبلتنا الطفلة زينة بأكواب لمشروب التمر الهندي وحلويات شامية رفقة والدها محمود وأخاها “يزن”، فكانت جلسة جميلة تعرّفنا فيها على هذه العائلة السورية المهاجرة وظروف هجرتها وأسباب تفوق التلميذة وعادات رمضان والعيد.ويشير الوالد الذي كان رجل أعمال في سوريا قبل أن يضيع كل شيء بسبب الحرب ويفقد كل أملاكه وثروته بعد تدمير بيته وتخريب قريته، أنه كانت له خيارات بين الهجرة إلى إحدى الدول العربية أو الأوروبية، فوقع الاختيار على الجزائر لأنه يطمح للاستقرار فيها نظرا للمحيط الاجتماعي الذي سمعه عنها والاستقرار الذي تعيشه الجزائر مقارنة بدول أخرى.عمل الوالد عدة أعمال واستقر به العمل في فتح محل للأكلات السريعة والشامية بحي 450 سكن بعدما فتح مطعما في عين الدفلى، غير أن ظروف الاستقرار حالت دون مواصلة العمل لأن الهجرة ستطول، حسبه. وأضاف الأب أن الأسرة عاشت ثالث رمضان في الجزائر بعدما تنقلت من ولاية إلى أخرى وانسلخت عن وطنها، حتى استقرت بالأغواط أين اكتشفت تقاليدها بالاحتكاك بالجيران الذين رحّبوا بهم كثيرا واندمجوا معهم في ظل نقص العائلات السورية بهذه الولاية، فباتوا يستقبلون “الذواقة الأغواطية” والتي تسمى في سوريا “السكبة”، وكذلك الحلويات المحلية مقارنة بأطباق الحلويات الشامية، مضيفا أن الأسرة تتابع يوميا أخبار الوطن عبر شاشة التلفزيون ومواقع الأنترنيت وصفحات الفايسبوك وتتحسر للواقع المرير لأرض الشام والتخريب والدمار الذي طالها بسبب وسائل التدمير العنيفة حيث دمرت قريتهم خلال رمضان 2016 وشرّد سكانها .واعتبر محمود أن رمضان كان مثل باقي الأيام العادية لولا موعد الإفطار بسبب المعاناة والعزلة التي يعيشونها، مؤكدا أن تحضير وتناول الأكلات السورية كان محاولة لتذكّر أجواء رمضان وتقاليد الوطن، فطهت لهم الزوجة “الكبة الشامية” و”فتوش”و”تبولة” وأيضا شوربة العدس و”سمبوسك” الذي يشبه “البوراك”، بالإضافة إلى “التسقية” و”المقلوبة” وكذا الحلويات كالقطايف و”العوامة” وبلح الشام. وبخصوص الابنة البكر زينة، فقد ولدت في 15 نوفمبر 2005 بريف دمشق بدير الخبية، زاولت دراستها الابتدائية في سنتها الأولى وشهر من السنة الثانية بمسقط رأسها، قبل التنقل والهجرة إلى الجزائر وتحط بتيزي وزو لمواصلة دراستها ثم عين الدفلى، فالأغواط منذ سنتين تقريبا، فكانت الأولى على مدرستها الطيب رزوق بالأغواط، وهذا بفضل الأم التي تسهر على تعليمها في البيت وتربيتها ومتابعتها بعدما كانت تدرس في مدرسة خاصة في سوريا قبل الحرب. أكد الوالد محمود أن الطفلة زينة تحب الرسم كثيرا للتعبير من خلاله، مشيرا إلى اختياره الهجرة حتى لا يتضرر الأطفال في دراستهم ويتابعون تعلمهم بانتظام، رغم أن اللغة الأجنبية الأولى في الجزائر هي الفرنسية وفي سوريا اللغة الإنجليزية، لكن نضال الأم ورغبتها في نجاح ابنتها بدّد مشكل تغيير اللغة الأجنبية.وأكدت التلميذة زينة التي استقبلت نجاحها بزغاريد الجيران وفرح العائلة كثيرا أنها تحلم بالاستقرار في الجزائر بلدها الثاني لتكون طبيبة في المستقبل حتى تداوي جميع الجراح وتزيل الآلام التي عايشتها عائلتها في السنوات الأخيرة، بعد أن طرق والدها جميع الأبواب وأنقذهم من ويلات الحرب لضمان مستقبلهم، لأنه يرى أن مستقبله هو مستقبل أولاده والعيش بدون هدف يؤثر فيه كثيرا، متمنيا أن يساهم تكريم السلطات لابنته زينة بمناسبة تفوقها في شهادة نهاية مرحلة التعليم الابتدائي في إعطاء أمل جديد للطفلة والعائلات التي عانت كثيرا من ظروف الهجرة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات