"إذا بقيت ظروف بوتفليقة الصحية على حالها سيترشح للخامسة"

+ -

ما رأيك في القوانين الجديدة التي ستضبط العملية الانتخابية؟ قانون الانتخابات الجديد يكشف أن الدولة تحولت إلى التفكير بعقلية الحزب، بينما المفترض في الدولة أن تكون فوق الأحزاب. هذا القانون جاء للانتصار لعقلية الحزب الواحد، وتفريغ التعددية السياسية من المنافسة. لا يوجد أي حزب ما عدا الأفالان والأرندي لديه نسبة 4 بالمائة، وهذا يعني أنه تفصيل على المقاس. هذه التعديلات عار على الديمقراطية، وسير في عكس اتجاه الدستور الذي قيل بأنه جاء لتكريس وتعزيز حقوق المعارضة. إن حالة الغلق السياسي والتضييق الإعلامي وما يجري حاليا على الجبهة الاجتماعية والأزمة المالية التي تعيشها البلاد، كلها عوامل عند اجتماعها تضر لا محالة بالجزائر. والحكمة أن نعالج هذه الأزمات بمزيد من الحرية وليس بالتضييق والخنق.أفهم من كلامك أن انقلابا حدث، بحيث صارت أحزاب السلطة فاعلة حقا ولا تمثل مجرد أدوات للنظام كما كانت في السابق؟ لم أقصد أن قيادة الحزب هي من تسيّر الدولة. لو أن هذا ما يحدث لكان مقبولا. لكن ما أعنيه أن عقلية الحزب الواحد هي التي تسيّر وهذا أسوأ. في اعتقادي أن الأفالان والأرندي وغيرهما لا زالت أدوات في ظل نظام أحادي.هذه القوانين صارت أمرا واقعا. ما العمل إزاءها؟ نحن نطالب بأن يستدرك هذا القانون في الغرفة الثانية (مجلس الأمة)، أو أن يتم تطبيق مواده ابتداء من انتخابات 2017، لأن القانون لا يطبق بأثر رجعي، والاستناد في هذه الحالة إلى مرجعية انتخابات 2012 المزورة في تحديد الأحزاب التي ستشارك، لا أساس له في نظرنا.هل تعتقد أن لهذه القوانين علاقة بترتيب خلافة الرئيس بوتفليقة؟ لا أعتقد ذلك. المعارضة اليوم لا تمثل داخل البرلمان قوة سياسية كبيرة بإمكانها التأثير في مسألة خلافة الرئيس حتى يتم إضعافها أكثر. أعتقد أن ما يحصل له علاقة بالفراغ القيادي الموجود في الدولة بسبب مرض الرئيس، بمعنى أن الملفات الشائكة التي كانت تخضع في السابق لثقافة الدولة في تسييرها، أصبحت اليوم في يد سياسيين لا يعرفون عواقب ما يرتكبونه ولا يفقهون في قراءة الأحداث. الذين يُسيرون اليوم أثبتوا أنهم يتمتعون بغباء سياسي وبعجز ورداءة، لأن من له قدر من الحكمة والتفكير لا يفعل بدولته ما يجري اليوم من ضرب للإعلام المستقل واستعداء للعمال ومنع للضباط المتقاعدين من التعبير وتضييق على الحريات السياسية، والبلاد تعيش أزمة مالية وسياسية.هل يعني ما تقول أن بوتفليقة مغيّب تماما عما يجري؟ لا أعتقد أنه مغيّب. هو من يحكم ويقرر، لكن مرضه جعله يوكل ملفاته لآخرين، وهذا ما سبب الارتباك الحاصل. الرئيس في رأيي سيواصل عهدته إلى نهايتها إلا إذا حدث أمر غيبي، وبالتالي ما يجري الحديث عنه من انتخابات رئاسية مسبقة مستبعد تماما. بل أقول إن الرئيس إذا احتفظ فقط بوضعه الصحي الحالي، فإنه سيكمل عهدة خامسة، لأن طبيعة النظام لا تخضع للقواعد الديمقراطية والتعددية، وبالتالي لا يوجد ما يمنع من تحقيق ذلك حتى وإن بدا غير معقول.هل تستند السلطة فيما تفعل إلى رجال المال والأعمال؟ إذا كانت السلطة تعتقد أن جماعة “الأفسيو” ستكون البديل لها عن المجتمع المدني والحياة السياسية، فهي مخطئة. حتى القرض السندي الذي أعلنوا المشاركة فيه بقوة هو على شاكلة “من لحيتو بخرلو”، أي أن الأموال التي حصلوا عليها من الدولة سيكبلون بها الدولة من جديد. السلطة باعتمادها عليهم وتضييقها على باقي فعاليات المجتمع، ستخسر كثيرا من رصيدها الشعبي المتراجع أصلا.هل الحل بالنسبة للمعارضة بعد ظهور هذه القوانين هو في مقاطعة الانتخابات؟ المعارضة ليست على رأي واحد في هذا الموضوع. في اعتقادنا أن المزيد من المقاطعات والانسحابات تفيد السلطة أكثر مما تضعفها. قناعتنا هي أن نواصل النضال فيما هو متاح من هامش ديمقراطي، لأن التجربة السابقة تظهر أن الذين قاطعوا الانتخابات لم يضروا السلطة أبدا، ولم يحدث أن سقط نظام بالمقاطعة. أما الذين شاركوا فعلى الأقل لديهم صوت يرتفع.هل توافق على الرأي القائل بأن السلطة تريد اغتيال المعارضة بهذا القانون؟ هدف السلطة هو التضييق على المعارضة والتقليل من وجودها وليس اغتيالها. أيا يكن، هذا ليس في صالح السلطة، لأن المعارضة في هذه الحالة سيزداد وعيها وإصرارها على النضال. على السلطة أن تدرك أن المعارضة القوية هي في فائدة النظام السياسي لأنها تشكل أداة رقابة وتقويم وليست عدوا ينبغي محاربته.لماذا هذا التزامن في اعتقادك بين التضييق على المعارضة واستهداف الإعلام المستقل؟ لأن المسألة واحدة، فمن يضيق بالمعارضة ليس معقولا أن يرحب بحرية الصحافة الحرة أو بالعمل الفني أو الثقافي الحر. علينا أن ندرك أن المعركة واحدة في كل المجالات، وعلى المضطهدين أن يتضامنوا مع بعضهم. ما يجري لمجمع “الخبر” مثلا نعتبره حلقة من حلقات تكميم الأفواه، وهو مدعاة للتضامن مع الجريدة بعيدا عن القضية التجارية التي لا تعنينا. نحن دافعنا وندافع أيضا عن برنامج “ناس السطح” الذي جرى وقفه، لاعتقادنا أن العمل الفني، حتى وإن كان مخطئا، لا يواجه بالغلق وإنما بفتح مزيد من الحريات، فالحرية هي من تقتل الرداءة.ما رأيك في الاتهامات التي وجهها وزير الدفاع السابق، خالد نزار، لقائد أركان الجيش. هل تعتقد أن ڤايد صالح له فعلا طموح رئاسي؟ ما قاله نزار كان يردده الشارع منذ مدة وليس جديدا. الذي أراه أن الجيش لا يزال متحالفا مع الرئيس، ولا أظنه سيتخلى عنه. لا أؤمن أصلا بوجود صراع في السلطة، وإن وجد فهو بين أشخاص محدودين جدا. ما قاله نزار يمثل وجهة نظر لا ينبغي إعطاؤها أكثر من حجمها. لا فرق عندي بين أن يحكمنا عسكري أو مدني بخلفية عسكرية، فكلاهما يستند إلى الشرعية الثورية. ما يهمنا احترام إرادة الشعب، وإلى الآن لا يوجد من حكم الجزائر ضد إرادة الجيش. تنفي وجود صراع في السلطة. ما رأيك في ما يحدث بين الأفالان والأرندي مثلا؟ هذا ليس صراعا حقيقيا، ولا يرتقي لمستوى أن يكون كذلك. هو يشبه صراع ضرائر، وهو ليس بخلاف أجنحة، ولا خلاف بين برامج سياسية أو وجهات نظر.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات