"أمنيستي" تطالب الحكومة بوقف التضييق على الصحافة

+ -

دعت منظمة العفو الدولية (أمنيستي انترناشيونال)، في تقرير لها أصدرته، أمس، السلطة في الجزائر إلى احترام وحماية وتعزيز حرية وسائل الإعلام، في أعقاب تزايد المضايقات على وسائل الإعلام والصحفيين المستقلين في الأشهر الأخيرة.

في ظل هذا الديكور الأسود المخيم على الصحافة المستقلة في البلاد، دعت أمنيستي، الحكومة إلى الإفراج الفوري ودون قيد أو شرط عن مهدي بن عيسى، مدير قناة “كا بي سي-الخبر”، ومدير إنتاج شركة “ناس برود”، ورياض حرتوف، مدير الإنتاج في ذات القناة، بالإضافة إلى السيدة نورة نجاي، موظفة في وزارة الثقافة، على خلفية تصريح بالتصوير، تخص حلقات برنامج تلفزيوني ساخر.وأوضحت المنظمة في تقريرها، أن بن عيسى يواجه عقوبة بالسجن تصل إلى 10 سنوات، وأنه وحرتوف ونجاي، يقبعون بالحبس المؤقت منذ 24 جوان الماضي، بموجب المادة 223 من قانون العقوبات، التي تنص على المعاقبة بالسجن مدة 3 سنوات عن تهمة “الإعلانات الكاذبة” وبعقوبة قد تصل إلى 10 سنوات سجنا بموجب المادتين 33 و42 من القانون 06-01 المتعلق بمكافحة الفساد.وتعتقد “العفو الدولية” أن التهم الموجهة إلى الثلاثة ذات دوافع سياسية، وذلك على خلفية برنامجي “كي حنا كي الناس” و”ناس السطح”. كما أضافت أنها تخشى أن تدخل الحملة ضد قناة “كا.بي.سي” في سياق معاقبتها على خطها الافتتاحي المستقل.ووفقا لذلك استنكرت المنظمة أيضا، جر جريدة “الخبر” إلى المحكمة الإدارية بعد أن فرضت عليها الحكومة قيودا كان الهدف منها دفعها إلى الإفلاس والغلق الحتمي.ففي 15 جوان الفارط، أمرت المحكمة الإدارية ببئر مراد رايس بتجميد آثار صفقة شراء أسهم من مجمع “الخبر” من قبل “ناس برود” (فرع مجمع سيفيتال)، ما دفع بفريق الدفاع عن “الخبر” إلى سحب تأسيسه في القضية، احتجاجا على الطريقة التي جرت بها المحاكمة. وتابعت ذات المنظمة أن هذا القرار رد على الخط الافتتاحي المستقل للجريدة، خصوصا بعد إظهار معارضتها للمطالبين بالعهدتين الثالثة والرابعة للرئيس بوتفليقة.الحكومة تنتقد الاحتكار وتطبقهكما لا تخفي المنظمة قلقها من النهج الذي تسير عليه الحكومة في تعاملها مع وسائل الإعلام، مستغربة كيف تقوم وزارة الاتصال بمحاربة الاحتكار وإضعاف التعددية، في حين تسعى إلى تفسير قانون الإعلام بطريقة تقيد وبشكل مفرط ممارسة ترسيخ سيطرة الدولة على وسائل الإعلام من خلال نظام التصاريح، مطالبة بمواءمة التشريعات، بما في ذلك قانون الإعلام مع أحكام الدستور الجديد وضمانات حرية التعبير.وفي 28 جوان الماضي، طالبت وزارة الاتصال القنوات التلفزيونية الخاصة، بنبرة تحذيرية، بالامتثال للقانون حول الأنشطة السمعية البصرية الصادر في فيفري 2014 أو مواجهة العواقب التي ما هي إلا عقوبات تصل إلى حد الغلق النهائي. وكان وزير الاتصال، حميد ڤرين، قد شدد في أفريل الماضي على أن لتساهل الدولة حدودا، وأن هناك “خطوطا حمراء يجب عدم تجاوزها”.وينص قانون النشاط السمعي البصري على وجوب حصول القنوات الخاصة على رخصة من السلطة المانحة لها، وهي وزارة الاتصال، قبل أن تبدأ البث، في الوقت الذي لا يحدد القانون المدة التي يجب على السلطة دراسة الطلب والرد عليه، سواء بالمنح أو الرفض، كما أنها لا تسمح بالطعن في التأخر في منح الرخصة أو تبرير الرفض أمام العدالة.تعديل القانونوفي السياق، دعت “العفو الدولية”، الحكومة إلى تعديل القانون وجعله متوافقا مع الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان والضمانات المنصوص عليها في الدستور الذي أخضع للتعديل في فيفري الفارط، وذلك للمرة الثالثة في ظرف 15 سنة الأخيرة. ولا تخفي المنظمة قلقها من صعوبة الحصول على الرخصة أو الاعتماد، مشيرة، في تقريرها، إلى أن الغالبية العظمى من القنوات الخاصة لا تزال دون وضع قانوني رغم تدشين نشاطها قبل سنوات.وتحصي الجزائر ما لا يقل عن 60 قناة خاصة، بينما لا يتمتع برخصة النشاط سوى خمسة منها هي تلفزيونات “النهار” و”الشروق” و”الجزائرية” و”الهڤار” و”دزاير”، علما بأن أكثريتها ظهرت نتيجة انفتاح السلطة على السمعي البصري في 2011، خوفا من توسع رقعة ثورات الربيع العربي ولتخفيف التركيز الإعلامي عليها من طرف قناتي الجزيرة القطرية وقناة المغاربية المحسوبة على تيار الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة. وحسب أمنيستي، فإن الحكومة ظلت، طيلة الفترة الماضية، تغض الطرف عن هذه القنوات، لكنها تمارس “القمع الانتقائي” ضد القنوات التي تنتقدها.نوايا بالغلق الممنهجويعود التقرير إلى بداية مسلسل قمع حرية التعبير في الصحافة والإعلام السمعي البصري، في مارس 2014، عندما صدر قرار غلق قناة “الأطلس”، على خلفية “تغطية الأحداث المتعلقة بالانتخابات الرئاسية (شهر أفريل)، كما أغلقت قناة “الوطن” في أكتوبر 2015، بعد إعلان وزارة الاتصال عن نيتها لتقديم شكوى ضد القناة ومديرها لبثها تصريحات تحريضية متضمنة المساس برموز الدولة، في إشارة إلى ما جاء على لسان مدني مزراڤ (أمير الأيياس) ضد الرئيس بوتفليقة.الجالية تتضامنفي سياق مستقل، طالبت لجنة التضامن مع الصحافة الجزائرية التي تأسست بمدينة مرسيليا الفرنسية، بالإفراج الفوري عن الموقوفين الثلاثة، داعية إلى تشكيل لجان تضامنية مع الصحفيين الجزائريين حيثما سمحت بذلك الظروف، مع تأكيد استعدادها لبذل مساع لإطلاع الرأي العام الدولي على “القمع” الممارس على الصحافيين، والدعوة إلى تنظيم تجمعات احتجاجية ضد المساس بحرية التعبير في الجزائر.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات