38serv

+ -

“البيضا”، “تشوتشنا” و”الهيرو” و”الكريستال” و”الصاروخ” و”الحلوة”.. كلها أسماء يطلقها جيل اليوم على مخدرات صلبة من شأنها قتل إنسان في ظرف دقائق، ورغم سعرها الباهظ وحضر حملها، إلا أن دخولها الأراضي الجزائرية في ارتفاع مستمر، سواء برا عبر دول الجوار السبع، أو عبر 1200 كيلومتر من الشريط الساحلي الجزائري، ولعل أغلبها تمر عبر مختلف المطارات الدولية محملة في حقائب يدوية وفي بطون المسافرين. أثبتت إحصائيات مصالح الأمن، أن الجزائر تحولت في السنوات الأخيرة إلى مراكز عبور لشتى أنواع  المخدرات الصلبة، بعد أن كانت في وقت سابق مقتصرة على مادة الكيف المعالج الذي لا يزال يتدفق بالأطنان عبر “الحدادة الغربية”، حيث قفزت الكميات المحجوزة من الهيرويين مثلا من 340 غرام في 2014 إلى 2.5 كيلوغرام السنة الماضية.أما الكوكايين والتي تعرف رواجا كبيرا في سوق المخدرات الجزائرية مقارنة بباقي المواد الأخرى، فقد تم حجز أكثر من 88 كيلوغراما السنة الماضية، حسب أرقام الجمارك. بينما كشفت المديرية العامة للأمن الوطني، عن حجز 1 كيلوغرام من مادة الهيرويين و10 كيلوغرام من الكوكايين خلال السداسي الأول من السنة الجارية.وكشف تقرير الأمم المتحدة، الصادر نهاية الأسبوع الماضي حول المخدرات والجريمة، بأن القارة الإفريقية تلعب دورا هاما في الترويج والمتاجرة بالمخدرات التي تعبر 78 في المائة منها عبر إفريقيا الغربية، و11 في المائة عبر شمال إفريقيا منها الجزائر. يحمل 1.5 كيلوغرام من الكوكايين في بطنه ورغم الجهود التي يبذلها حرس الحدود في التصدي لدخول هذه السموم، إلا أنها في كل مرة تصطدم بعدوّ شرس واسع الحيلة يطوّر أساليب التهريب في كل مرة، فكيف تمر هذه المواد المحظورة عبر مختلف الحواجز الأمنية ونقاط التفتيش المزوّدة بالكلاب المدرّبة وأجهزة الكشف “سكانير”؟ سؤال رد عليه مدير الاتصال بالمديرية العامة للجمارك، هناد رزقي، ضاربا أمثلة عن إحباط مصالحه بعض محاولات تمرير على مستوى نقاط التفتيش في المطارات والموانئ، آخرها محاولة تمرير 5 كيلوغرامات كاملة من مادة الكوكايين النقي، عبر مطار هواري بومدين الدولي بالعاصمة الأسبوع الماضي، كانت مخبأة بشكل محكم داخل حقائب يدوية لمسافرتين تونسيتين ومغلّفة بصفائح مضغوطة عازلة، لها القدرة على حجب أشعة جهاز السكانير.وحسب مصدر من الجمارك، فإنها لا تزال لحد الآن محل تحقيق مخبري لمعرفة مكوّناتها وسر قدرتها على حجب أشعة السكانير.وكشف التحقيق الأولي في القضية، عن أن الكمية المحجوزة أنتجت في البيرو، قبل أن تعبأ في البرازيل، ومن ثم نقلها عبر غرب إفريقيا إلى دبي، فالجزائر، لتتوجه إلى المغرب وصولا إلى أوروبا، كما عاد بنا ممثل الجمارك الجزائرية إلى سنة 2014 أين أحبطت محاولة تهريب رعية نيجيري 1.3 كيلوغرام من الكوكايين داخل أحشائه، كانت معبأة في 75 كبسولة.ويروي محدثنا، كيف تفطّن أفراد الجمارك للمهرب قائلا: “كان وجه الرعية النيجيري شاحبا وشفتاه جافتين بسبب صومه عن الأكل خوفا من انفتاح الكبسولات داخل بطنه، ومن ثم يكون مصيره الموت بسكتة قلبية، وتطبيقا لأوامر المروّجين الذين استأجروه، بدأ المهرب يشعر بالدوار، خصوصا بعد تأخر الطائرة لأكثر من ساعتين ونصف، وهو ما تسبّب له في آلام حادة على مستوى أحشائه، مما استدعى إخضاعه لتفتيش مكثف.مكر وأساليب متطورةوعن الحيل، يقول ممثل الجمارك بأن المهربين “يتقدمون علينا بخطوة في كل مرة ويطوّرون أساليب التهريب ويستعملون في كل مرة حيلا جديدة”، وبإمكانك التفطن لأمرهم من خلال رائحة الكبسولات التي تنبعث من أنفاسهم أو رائحة المشروبات الكحولية التي يتناولونها للتغلب على الخوف والارتباك وعدم الاكتراث لآلام الأحشاء، والبعض الآخر يسلّم حقيبته لمسافر آخر ويظل يراقب عن بعد تحركاته وفي حال تفطّن أفراد الأمن لأمره ينصرف هاربا خارج المطار، وآخرون يضعون المخدرات في قلب الحلويات والمأكولات... وكلما ارتفعت درجة المجازفة والكمية المهربة ارتفع مبلغ العمولة.    وقد تتساءل عن العمولة الكبيرة التي يدفعها المروّجون لهؤلاء اليائسين الذين يجازفون بحياتهم طمعا في كسب المال، علما أن أغلب أنواع المخدرات الصلبة قادمة من دول أمريكا الجنوبية عبر غرب القارة الإفريقية، وبالتالي تعبر العديد من الحدود الدولية قبل الوصول إلى مروجها النهائي.فالسر يكمن حسب المختص بالمخبر المركزي للشرطة العلمية والتقنية، محافظ الشرطة بهلول نبيل، في مزجها بمواد أخرى كالأدوية والمنومات على غرار البراسيتامول والكافيين والفولناريزين، وذلك بغرض تضخيم وزن المسحوق النقي وبالتالي كسب أموال إضافية. وفي الموضوع يقول المحافظ بهلول، إن “الغرام الواحد من مادة الكوكايين يتحول إلى أكثر من 1.5 غرام”.هذه المواد التي تمزج مع المسحوق المخدر يستثمر فيها خبراء الشرطة العلمية لتقفي آثار المروجين والكشف عن هويتهم، ومن ثم تفكيك الشبكات الإجرامية، وذلك باستعمال وسائل تكنولوجية متطورة، على غرار جهاز كروماتوغرافيا الغازية المزدوج  بالمطياف الكتلي، وجهاز الكروماتوغرافيا النارية وأخرى للسوائل العالية الكفاءة، وتابع: “من خلال المواد الممزوجة يستطيع المحققون معرفة مصدر المخدر والكشف عن الشبكات المعتادة على تحضير هذه الأمزجة.شباب وهران يعلق في وحل الكوكا والحلوةبعد أن أغرقوا السوق الجزائرية بأطنان من الكيف المعالج وتخريب حياة فئة كبيرة من الشباب الجزائريين من شتى الطبقات، هاهي اليوم تتحول الجزائر إلى سوق جديدة ومنطقة عبور للمخدرات الصلبة بشتى أنواعها، ليدقّ سكان مدينة وهران ناقوس الخطر بعد أن وجدت هذه السموم شعبيتها في أوساط أثرياء المدينة.  كشفت التقارير الأمنية التي قدّمتها خلية الإعلام والاتصال التابعة لأمن ولاية وهران للصحافة خلال السداسي الأول من السنة الجارية، عن حجز 172 غرام من “الكوكايين”، 132 غراماتمت مصادرتها بحي “إيسطو” شرقي الباهية، مع توقيف 4 متورطين و 40غراما ضبطتها مصالح الشرطة بحوزة عنصر ينتمي لشبكة دولية كان بصدد ترويجها في منطقة عين الترك، مع العلم أن حصيلة 2015  أشارت إلى أن أمن ولاية وهران حجز 185.8 غرام من المخدرات الصلبة من بين 466 غرام مصادرة على مستوى الجهة الغربية للوطن.وفي الثلاثي الأول من السنة الجارية، حجزت شرطة الحدود بميناء وهران 750 غرام من المادة ذاتها قادمة من مرسيليا الفرنسية، حاول موظف بشركة النقل البحري للمسافرين إدخالها إلى وهران لترويجها، يضاف إلى ذلك 1 كيلوغرام تم حجزه من قبل مصالح الدرك الوطني مطلع فيفري من السنة الجارية على مستوى بلدية بوتليليس وقت ما حاول شخصان تهريبها في اتجاه وهران.وبالإضافة إلى ما تمت الإشارة إليه، 150 غرام تمت مصادرتها من قبل مصالح أمن ولاية وهران نهاية السنة الماضية، مع الإطاحة بعصابة ترويج الكوكايين بعين الترك والتي ضبطت بحوزتها على كمية من الكوكايين لم يحدد وزنها، وبالعودة إلى 82 كيلوغراما التي عثرت عليها مصالح حرس السواحل في عرض البحر  قرب  جزر”حبيباس” مطلع السنة المنقضية، فإن ذلك يدلّ أن هناك نية من المغاربة لإغراق السوق الجزائرية بهذا النوع من السموم الفتاكة التي تستهدف أبناء الأغنياء لجرّهم إلى الإدمان وفتح باب ترويجها في أوساطهم على مصراعيه لأنهم من يقدر على دفع قيمة مالية تصل إلى 12 ألف دينار للغرام الواحد، وقد يدفعون أكثر من ذلك بعد إصابتهم بالإدمان.وكان رئيس أمن ولاية وهران، صرح في وقت سابق للصحافة، أن المخدرات الصلبة التي حجزوها تأتي من المغرب لتروّج في المدن الجزائرية وفي مقدمتها وهران، وهذا على غرار الكيف والأقراص المهلوسة.وعن أماكن انتشارها في وهران، أفاد مصدر أمني أن مروّجيها يركّزون نشاطهم على منطقة عين الترك التي تضم ملاهي ليلية وحانات كثيرة، وهي البلدية التي تشهد توافدا كبيرا للشباب من أبناء الأثرياء بمن فيهم الفتيات عاشقي اللهو، ولو أن ذلك لا ينفي انتشارها في أوساط جامعيين وحتى بعض المتمدرسين في التعليم الثانوي من الطبقة الغنية ممن يصاحبون عناصر من شبكات ترويج “الكوكايين”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات