وجد العديد من الشباب والكهول بقسنطينة خلاصهم في المقابر، لكسب قوتهم بالنسبة للبعض ولتوفير مصروف الجيب بالنسبة للبعض الآخر، خاصة مع قدوم الربيع وازدهار نشاط بيع الورود والنباتات العطرية.
تكتسب أغلب المقابر، هذه الأيام، حركية مختلفة عن باقي الأيام، حيث يتهافت الباعة على اقتطاف الأزهار الموسمية كالنرجس المعروف محليا بـ«البليري”، وبيع الحزمة بما لا يقل عن 50 دج، وهو ما ذكره لنا أحد الباعة بشارع عبان رمضان، الذي قال إنه ليس الوحيد الذي يرتاد المقابر، بل هناك أيضا باعة الأعشاب العطرية والحشائش الورقية الصالحة للأكل كالسبانخ “السلق”، “الخبيزة”، “الحرشة” و”الشبت” وغيرها. ولاحظنا، خلال جولاتنا الميدانية، أن المقابر البعيدة عن وسط المدينة هي وجهة هؤلاء الباعة خاصة مقبرة حي زواغي سليمان، مقبرة القماص ومقبرة عين اسمارة التي صادفنا بها شبابا يجمعون السبانخ ويربطونها حزما حزما ليبيعوها بـ80 دج للحزمة الواحدة. قال الشاب “دحمان” المعتاد على ارتياد المقبرة إنه يأتي إلى ذلك المكان منذ سنوات، ليسترزق من بيع السبانخ التي يمكنه الحصول عليها دون عناء ودون رقابة. وقال عمي مسعود، وهو كهل آخر بمقبرة زواغي، إنه لا عمل له سوى بيع حزم الأعشاب بمختلف أنواعها من نعناع، خزامى وشيح وغيرها، مؤكدا أنه صار متمرسا في هذا المجال ويستطيع تحديد الأماكن التي تنمو فيها هذه الحشائش بين القبور. وذكر بعض المواطنين المرتادين للمقابر أن الأشهر الماضية كانت شاهدة على موسم جني الزيتون بالمقبرة المركزية، حيث أكدت بعض المصادر أن أشجار الزيتون المغروسة هناك لها “زبائنها”، وهو ما يحصل بالنسبة لأشجار التين والتوت التي يكون أطفال الأحياء المجاورة للمقابر أول من يتسلقها من أجل توتها.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات