"تطبيع تركيا ودولة عربية مع إسرائيل مرفوض فلسطينيا"

+ -

 ما هي خلفية ودوافع إعادة تركيا لعلاقتها مع إسرائيل؟ العلاقة بين تركيا وإسرائيل تاريخية وهي موروثة، فحزب العدالة والتنمية لأردوغان ورث هذه العلاقة التي يمتد عمرها من عمر الاحتلال سنة 1948، واتسمت بالطابع الاستراتيجي، عسكرية وأمنية واقتصادية، وأن عملية قطع العلاقة تنم عن رغبة أردوغان في التخفيف التدريجي من الاعتماد على دولة الاحتلال في بعض المسائل العسكرية دون أن يؤثر على وجود هذه المجموعة الحاكمة الآن في السلطة، لأن لديه مشروعا يحتاج إلى تجسيد خطته التي بها قدر كبير من الثقة بأن توجهاتهم إيجابية تجاه قضايا الأمة العربية والإسلامية وإعادة المجد إلى الإمبراطورية التركية والدولة التركية الحديثة القوية التي تكون صاحبة التأثير في السياسة الدولية، ولن يتأتي ذلك إلا بالتخلي عن بعض المعيقات التي تحول دون ثباته وصموده كما يتطلبه المجتمع الدولي. فقطع العلاقة رد فعل طبيعي لعمل مشين قامت به دولة الاحتلال الإسرائيلي مس كرامة الأتراك والمجتمع التركي، وهو مقتل الشهداء العشرة على متن سفينة مرمرة عام 2010، والآن تركيا كان رد فعلها أن تراعي الغضب التركي الشعبي والمجتمع الفلسطيني وحرصها على أن تكون سندا له، وتحقيق ما يمكن تحقيقه عبر هذا الموقف السياسي للفلسطينيين، والآن المتغيرات التي جرت منذ 2013 وتورط تركيا في مسألة الأزمة السورية، وتغير التحالفات ودخول روسيا المباشر على الخط العسكري في سوريا وإسقاط الطائرة الروسية والقطيعة بينهما، وما يترتب من جفوة مع إيران والعلاقة مع مصر، هذه التغيرات في الإقليم هي التي جعلت تركيا تعيد التفكير في سياساتها أي أنها لا يمكن أن تواجه كل هؤلاء الخصوم على مستوى الإقليم الدولي، وأرادت أن تفكك الأزمات بما فيها مع إسرائيل لكونها لاعبا يمكن لتركيا إذا قامت بتحييدها أن تطيل من عمر الحزب الحاكم لتنفيذ مشروعه.هل تعتبرون أن التعويض المالي المقدم لضحايا سفينة مرمرة كاف لطي الملف؟ أعتقد أن دعم الشهداء أغلى من أي تعويض، ولا أظن أن رأي أهالي الشهداء يختلف عن رأيي فقد أعلنوها صراحة في مظاهرة، حيث قالوا إن التعويض الحقيقي الذي يرضي الشهداء هو رفع الحصار عن قطاع غزة وتحقيق ما مات من أجله هؤلاء الشهداء، فالتعويض ليس المشكلة، ولكن هنالك حيثيات للقضية تتمثل في كون شركة “ايهاها” صاحبة سفينة مرمرة، كانت اللجنة القانونية لها تطالب في المحاكم الدولية بتعويض مليار دولار وليس 20 مليون دولار، أي 100 مليون لكل شهيد وليس 2 مليون لكل شهيد، فالرقم قليل. وحسب المعلومات التي وصلتني أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي أصرت أن يكون دفع التعويضات عبر مؤسسة خيرية يهودية تركية، وبالتالي هنالك محاولة تنصل من المسؤولية القانونية بتفادي الدفع المباشر لأهالي الشهداء أو ربما أن الأهالي يرفضون تلقي التعويضات مباشرة من دولة الاحتلال الإسرائيلي.ما هي تبعات عودة التقارب على الجانب الفلسطيني؟ أعتقد أن ما قامت به تركيا فيه تعزيز لحالة صمود قطاع غزة، فقد تضمن الاتفاق حل مشكلة المياه والكهرباء وإدخال المساعدات، رغم أنها من خلال الموانئ الإسرائيلية لأهل غزة الذين لا يتحملون مسؤولية هذا الاتفاق ولا يدفعون ثمنا سياسيا، لأن حركة حماس والفصائل الفلسطينية غير معنية والجهاد الإسلامي، إلا من جهة أنه يخفف المعاناة على قطاع غزة وليست طرفا في الاتفاق. وحرصت تركيا على إبلاغ السلطة الفلسطينية وحركة حماس بنتائج الاتفاق وقرب الاتفاق عنه، فقد التقى رئيس الوزراء التركي بوفد حركة حماس وتم إبلاغ الرئيس عباس بنص الاتفاق، فهل يمكن أن يضيق الاتفاق من نشاط حركة حماس في تركيا؟ نقول إن رئيس الوزراء التركي كان واضحا إزاء هذه النقطة، فقال إن هذا أمر سيادي لا تستطيع إسرائيل ولا دولة أخرى التعامل معها، ولكن الاتفاقية تقتضي ألا يتم عمل ضد الأمن الإسرائيلي داخل الأراضي التركي، وأظن أن حركة حماس ملتزمة بذلك ولم تكن تركيا يوما منطلقا لأعمال عدائية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، فتركيا ترتب أوراقها وتنظر إلى دورها في المستقبل وتدفع ثمنا قليلا لتحقيق مكاسب لمشروعها، أما نحن في فلسطين فنصر على أن حالة التطبيع مع دولة الاحتلال مرفوضة سواء أكانت تطبيع مع تركيا أو الأردن أو مصر أو أي دولة عربية، ما لم ينته هذا الاحتلال، ونحن في اللجنة الدولية لكسر الحصار على غزة، نطالب بتكثيف الجهود لكسر الحصار، لأن ما جرى حتى الآن هو تخفيف المعاناة في غزة ولكنه ليس كسرا للحصار ولذا لا بد للمنظمات التضامنية والدولية أن تتوحد لإنهاء حالة الحصار عن غزة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات