38serv

+ -

كانت الساعة تشير إلى منتصف النهار، عندما وطأت أقدامنا مقر قناة “الخبر” “كي بي سي”. كان الهدوء يخيم على ساحة المقر، يتخيل للزائر منذ الوهلة الأولى أن المكان فارغ، خاصة وأن أشعة الشمس كانت تتوسط السماء ودرجات الحرارة بدأت في الارتفاع. لكن بمجرد دخولنا المقر، كانت الأجواء مغايرة تماما، نشاط وحيوية كبيرة تملأ قاعة التحرير المليئة بالطاقات الشابة، الكل منهمك في عمله، الجميع يقابل جهاز حاسوب يتتبع مستجدات الأحداث على شاشات التلفزيون.. الجميع كان في تنقل من مكان إلى آخر. أجمع طاقم قناة “كي بي سي” ممن تحدثت إليهم “الخبر”، على تأثرهم لحبس المدير مهدي بن عيسى، وتفاجئهم للقرار، والسرعة التي لفت الموضوع بعدما تم استدعاء المدير كشاهد، ثم الزج به في السجن، الأمر الذي أوّله كل على طريقته، ما أحدث نوعا من التوتر والقلق وسط الصحفيين والعمال، خاصة الشباب منهم، الآملين في أخذ التجربة ورسم المستقبل مع قناة فتية تأمل في الوصول إلى مصف القنوات العالمية بفضل كوادرها وطاقاتها الشبانية المليئة بالنشاط والحيوية، مؤكدين على رفع التحدي والصمود والعمل أكثر، خاصة مع الأزمة التي تمر بها القناة ورسالة مديرها التي أوّلها الجميع على أنها دعوة إلى الصمود ومواصلة العمل وعدم الرضوخ وتجنب الخوف.العمل عادي وغياب بن عيسى أثّر في نفسية العمالقال رئيس تحرير القناة، عاطف قدادرة، أن صحفيي وعمال “كي بي سي” يحضّرون لتنظيم وقفة تضامنية مع مدير القناة مهدي بن عيسى المحبوس، منذ قرابة أسبوع. المبادرة اتفق عليها صحفيو القناة، حسب قدادرة، الذي قال إنها تتمثل في تسجيل فيديوهات تضامنية ووضعها على اليوتوب. كما قرر العمال، يضيف قدادرة، تخصيص وفد لزيارة عائلة مهدي بن عيسى، كما أنهم بصدد تحضير وقفة تضامنية مع المدير والمسجونين أمام المحكمة أو قرب مقر وزارة الاتصال.وبالنسبة لأجواء العمل، عبّر قدادرة عن ارتياحه لظروف العمل التي وصفها بالعادية جدا، والمستقرة، رغم تأثر العمال نفسيا من قرار سجن المدير، وهو ما وقفنا عليه أثناء دخولنا لقاعات التحرير أين كان تصوير حصة “عن قرب”، ما اعتبره قدادرة دليلا على استمرار العمل اليومي مثل سائر الأيام، وقال: “كل شيء عادي؛ العمال يأتون كل يوم، كل الحصص والبرامج والأخبار تبث في وقتها، لا شيء تغيّر سوى غياب بن عيسى الذي تأثر له العمال، خاصة وأنه محبوب لدى الجميع، رغم المدة القصيرة التي التحق بها في القناة، لكنه استطاع كسب ود واحترام الجميع”.ويرى قدادرة في رسالة بن عيسى للعمال بمنزلة رافع لمعنوياتهم وشحنة إيجابية تساعد العمال، خاصة الشباب منهم، على الصمود والتحدي أكثر، خاصة وأن آمالهم عالقة في بقاء القناة التي يراها كل الطاقم منبرا إعلاميا فتيا يجب الحفاظ عليه كصرح وتجربة سمعي بصري جديدة تحمل طاقات شبابية تأمل في المستقبل والبقاء.حريصون على ضبط النفس  والروح المعنوية العاليةعبّر كريم كالي، رئيس تحرير مكلف بالمراسلين، عن حالة القلق التي تسود العمال جراء توقيف المدير والزج به في السجن، القرار الذي أوّله كل على طريقته، وأضاف “الأخبار التي كانت وما تزال تتناقل على مختلف المواقع والتأويلات المختلفة لها، أثّرت سلبا في نفسية العمال”، لكنه يرى بالمقابل أن العمل عادي وحصة “الجزائر العميقة” تسجل بطريقة روتينية عادية، وكل البرامج تبث في وقتها، الشيء الذي استحسنه كالي واعتبره تمسك العمال ووحدتهم، وقال: “الجميع متحدون وحريصون على ضبط النفس ورفع الروح المعنوية لتجاوز الأزمة، الأمر الذي يمثل مسؤولية كبيرة على عمال القناة”، يضيف كالي الذي تأثر لغياب المدير، خاصة وأن المسؤولية كبرت على الطاقم المسؤول.كما استذكر كالي الجولة التي وعده بها بن عيسى لزيارة مكاتب المراسلين في كل من قسنطينة وورڤلة ووهران لتنصيب مكاتب جهوية للقناة، لكن قرار التوقيف حال دون تحقيق ذلك، آملا في الإفراج عن المدير وعن المسجونين الآخرين.مشكلة القناة مفتعلة.. وهذا شيء خطيراعتبر محمد إيوانوغان، المكلف بالريبورتاجات بالقناة، قرار الوقف بالمؤثر وقلق وتوتر العمال أمر عادي، ذلك أنه في أي مؤسسة أو حتى عائلة عندما يحدث فيها اضطراب، يكون التأثير مباشرة على أفرادها، وما يعيشه عمال القناة عادي، خاصة وأن بن عيسى اندمج ببساطة مع العمال وكسب حب الجميع، بفضل احترامه لهم دون استثناء، يقول إيوانوغان الذي استغرب لرسالة المدير بن عيسى التشجيعية، وهو الذي كان يعتقد أن حالته ستكون سيئة كونه لم يعتد على هذه الوضعيات، ما شجع الصحفيين أكثر ومدهم بالعزيمة.من جهة أخرى، تأسف إيوانوغان من اختلاق المشكلة؛ كون الحالة لا تستدعى الزج في السجن، وهذا أمر خطير يستدعى فطنة الصحفيين.قرار الحبس صدمة.. لكنه لن يؤثر على العملتحدث مقدم حصة “عن قرب”، الصحفي زبير فاضل، مطولا عن أجواء العمل داخل القناة بعد الاضطرابات التي عرفتها في الأيام الأخيرة نتيجة حبس المدير، وقال إن قرار الحبس يمثل صدمة لطاقم “كي بي سي”، والقرار غير منتظر؛ لأن القضية لا تستوجب الحبس، وأضاف “تأثرنا للقرار، لكن ذلك لم يؤثر على سير العمل.. نحن نعمل كسائر الأيام، واليوم قمنا بتصوير آخر عدد للموسم من حصة عن قرب”.وفسر زبير فاضل رسالة بن عيسى لطاقم القناة، بكون هذا الأخير شخص طموح يؤمن بقناة للنوعية والجودة، وهي الرسالة التي زادت من شحنة القوة لدى العمال وأمدهم بالشجاعة لمواصلة المشوار وهم عازمون على رفع التحدي “سنواصل.. المجمع يمر بأزمة، ونحن أبناء النضال، جيلنا من يستطيع وضع حجر أساس السمعي البصري الحر في الجزائر، النضال لا يأتي بين ليلة وضحاها، لابد من التضحيات”.وأشار زبير إلى مشاركة طاقم القناة في صفحة “أطلقوا صراح مهدي بن عيسى”، التي أنشأتها عائلة بن عيسى ومجموعة من المثقفين والحقوقيين وأصدقائه، بوضع رسائل تأييد وتضامن لإطلاق سراح مدير “كي بي سي”.حبس المدير خلق القلق والتوتر..  لكن رسالة بن عيسى مشجعةكان تأثر مقدمة الأخبار خلود نوي بحبس مدير القناة واضحا، خاصة من التغيير السريع الذي طرأ على القضية بعدما تم استدعاء المدير أولا، ثم سجنه مباشرة، ما اعتبرته أمرا مقلقا وسلبيا لنفسية الصحفيين والعمال، لكن ذلك زاد من عزيمتهم في المواصلة والتحدي وتقديم الأفضل، وقالت “الصحفي يعمل في كل الظروف، والرسالة يجب إبلاغها في كل الأحوال.. الرسالة الإعلامية تحتاج إلى الاستقرار، والصحفي يجب أن يعمل في أحسن الظروف لتقديم الأحسن”، وهي التي كانت من الأوائل في القناة وعاشت مراحل ميلادها وتطورها، واليوم تقف متأهبة وبكل صرامة وتحدٍ، مستحسنة رسالة بن عيسى للعمال واعتبرتها بالمشجعة ورافعة للمعنويات، خاصة تفكير المدير في العمال وهو في السجن.الأولوية لإطلاق سراح المديرعبّرت الصحفية ومقدمة الأخبار هيبة سنطوح، عن تأثرها لوضع القناة وزج مديرها في السجن، الشيء الذي أتعب الطاقم نفسيا، خاصة وأن القرار جاء صدفة وبطريقة سريعة تستدعي الشكوك والخوف والترقب على من سيكون الدور، تقول سنطوح، التي تضع كل آمالها في إطلاق سراح المسجونين، خاصة وأننا في الشهر الفضيل وعيد الفطر على الأبواب، وقالت: “ما يهمّنا الآن هو أن يطلق سراح المدير والمسجونين في أقرب وقت ممكن”، كما تفاءلت هيبة لرسالة بن عيسى التي تعتبرها بالإيجابية والمطمئنة، خاصة في هذه الفترات العصيبة التي يعيشها طاقم القناة، خاصة الشباب منهم، في ظل الغموض الذي يلف القضية، تضيف هيبة.ما يقلق هو الإشاعات وكثرة الكلامعبّر مهندس الصوت بالقناة الشاب إبراهيم، عن استيائه لسجن مدير قناة “كا بي سي”، والإشاعات التي تروج عن مستقبل القناة والكلام المبهم الذي يلف القضية، وقال “ما يقلق هو الكلام الكثير والشوشرة والإشاعات المقلقة من جهات مختلفة.. ما عدا ذلك، فالعمل عادي والجميع يعمل على قدم وساق آملين في تجاوز الأزمة والخروج بالقناة إلى بر الأمان”.   

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات