38serv

+ -

عاد الهدوء نسبيا إلى شوارع عنابة خلال اليومين الماضيين، بعد ليلة عنيفة من المواجهات بين رجال الأمن والباعة الفوضويين، حيث تم الإبقاء على التعزيزات الأمنية متمركزة في مختلف المحاور المؤدية إلى شارعي ابن خلدون وساحة الثورة تحسبا لأي طارئ . أعلنت مصالح الأمن، أمس، عن مواصلتها حملة التوقيفات في صفوف المحتجين، حيث ارتفع العدد إلى 23 شخصا، مستغلة في ذلك التسجيلات المخزنة في كاميرات المراقبة، خاصة أن الموقوفين تم تكييف التهم التي ستوجه لهم على أساس التجمهر المسلح، الإخلال بالنظام العام، حيازة أسلحة بيضاء محظورة وعرقلة مهام الشرطة .حركة شبه منعدمة ليلافي وسط المدينةوقد تحولت المدينة، الليلة الماضية، إلى مدينة أشباح بعد أن كانت في الليالي الماضية تعج بالحركة والنشاط في كل مكان، خاصة أن العائلات اعتادت التسوق وشراء ألبسة العيد لأبنائها في مثل هذه الأوقات، فتقلصت حركة المواطنين والسيارات، حتى أن العديد من المحلات التجارية لم تفتح خوفا من اندلاع الأحداث من جديد، واقتصر الأمر على خروج بعض العائلات إلى ساحة الثورة لتناول المثلجات، في حين توجه الرجال كعادتهم إلى المقاهي لارتشاف فنجان قهوة ينسيهم شقاء ساعات الصيام، ومقاسمة أصدقائهم أحداث وأحاديث المدينة . وفي النهار، تواصلت القبضة الحديدية بين رجال الأمن المدججين بالأسلحة والعصي والباعة الفوضويين الذين ظل العديد منهم في حالة هدوء مشوب بالحذر لاقتناص فرصة لعرض بعض من سلعهم التي تمكنوا من تهريبها أثناء الأحداث، حيث بقوا في الأماكن التي اعتادوا البيع فيها يجلسون على كراس في ترقب وتحد .تباين في آراء العائلات العنابيةوتواصل الهدوء المشوب بالحذر، حيث عرفت المحلات التجارية توافدا كبيرا للعائلات لاقتناء ألبسة العيد مهما غلا ثمنها، خاصة أن الوقت بالنسبة للعديد منها لم يعد سانحا، ولم تخل أحاديثهم مما شهدته المدينة، حيث عبر العديد منهم عن حسرتهم لكونهم كانوا يأملون في التسوق ليلا من الباعة الفوضويين بأسعار مخفضة في متناول أسر كثيرة، كيف لا وعنابة تعتبر أفضل مكان للتسوق لأغلب سكان المنطقة والولايات المجاورة لها، في حين بدت ملامح الابتهاج على وجوه آخرين لما أضحى عليه وسط المدينة من تقلص الاختناق المروري في حركة السير سواء بالنسبة للراجلين أو أصحاب السيارات، إذ أصبح التنقل سهلا بعيدا عن فوضى الباعة وطاولاتهم وما تخلفه تلك الوضعية الناتجة عن ضغط المكان والصيام والحرارة، حيث طالما تسببت في تسجيل اعتداءات ومشاحنات وشجارات.تعليقات تلهب مواقع التواصل الاجتماعيوقد عكست هذه الآراء تعليقات المواطنين التي ألهبت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تباينت بين مؤيد للقضاء على التجارة الفوضوية التي أضرت كثيرا، حسبهم، بالمحيط الحضري لرابع مدينة من حيث الأهمية الوطنية، وتسببت منذ سنوات في أحداث دامية خصوصا في الشهر الفضيل، في حين ألقى آخرون باللوم على السلطات وأبدوا تعاطفا مع هؤلاء الباعة كون الكثير منهم اشتروا بضائع بالملايين يكونون قد اقترضوها، حيث قال أحد المعلقين “أظن أنه كان من الأجدر تركهم إلى ما بعد العيد وتهيئة مكان خاص لهم بعيدا عن وسط المدينة”، في حين علق آخر “الأيام الأخيرة من رمضان تعتبر بالنسبة لهم فرصة للربح، لماذا لا يتركونهم هذه الأيام فقط”.غير أن ذلك لم يمنع غضب الجميع من ما حدث بأحد المحلات الفخمة بساحة الثورة من عمليات تخريب ونهب وسرقة شملت جميع محتوياته، خاصة أن تسجيلات فيديو تشير إلى عملية سطو كبيرة حدثت لهذا المحل الذي يبيع ألبسة رياضية لماركات عالمية، في الوقت الذي تظهر صفحات أخرى في الأنترنت عرضا لبيع جزء من تلك المسروقات يجهل إن كانت جدية أم لا، غير أنها أثارت تعليقات ساخطة على ما وقع .ارتياح لدى أصحاب المحلاتوقد خلفت هذه الوضعية ارتياحا كبيرا في نفوس أصحاب المحلات الذين طالما طالبوا في شكاوى مختلفة للسلطات المحلية بضرورة القضاء على التجارة الموازية التي تسببت في ركود سلعهم، حيث أجبر العديد منهم على غلق محلاتهم، عندما وجدوا أنفسهم محاصرين من طرف الباعة الفوضويين الذين يعرضون بضائعهم عند مداخل تلك المحلات وعلى الرصيف الخاص بالمارة، وتخصيصهم في الأيام الأخيرة طاولات تحجز مسبقا لأصحابها، مستعملين مختلف أساليب الترهيب فيما بينهم .وأكد عدد من أصحاب المحلات على أنه بقدر ما تأسفوا لعدم اتخاذ قرارات حاسمة من طرف المسؤولين تجاه هذه التجارة الفوضوية التي أحالت وسط المدينة إلى فوضى عارمة منذ سنوات، بقدر ما هم متفائلون بعزم السلطات على القضاء نهائيا على هذه الظاهرة .للإشارة، كانت مصالح البلدية قد جندت، منذ الصباح الباكر، عمال النظافة لرفع مخلفات الأحداث من كرتون وزجاج، ورش الطرقات بالمياه لتنظيف ما أسفرت عنها عمليات حرق العجلات في مداخل شارعي ابن خلدون وساحة الثورة .

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات