+ -

مهما كانت “تخريجات” السلطة في قضية “مجمع الخبر – وزارة الاتصال” وفي قضية “ناس برود –كا بي سي” فإن الهدف الأساسي منها هو:وأد الكلمة الحرة في عز طفولة “الدولة المدنية” والدستور الجديد الذي هللت له السلطة مطولا ووعدت الجزائريين الذين حرمتهم من التصويت عليه بأن هذه الوثيقة الأساسية ستجلب لهم مزيدا من مساحات الحرية والديمقراطية وتدخلهم في قلب دولة القانون.تخويف المجتمع الجزائري وإسكات كل الأصوات التي لم تنخرط في مسار “تطبيع” الحياة السياسية والإعلامية تحسبا للمواعيد المقبلة وتحضيرا لمرحلة “ما بعد بوتفليقة” في كنف الهدوء والطمأنينة.. فالطبخة يجب أن تجري بشكل يوحي بأن كل شيء جرى في ظروف عادية وأن عصب السلطة تصرفت في ظل التفاهم والتناغم، مع العلم أن الكل يعلم أن كل المؤشرات تدل على أن صراع الأجنحة بلغ أشده خلال الأسابيع الماضية.لذا فإن إسكات الأصوات المعارضة للسلطة أمر حيوي وضرب الخبر وكا بي سي والوطن (وسائل الإعلام الأكثر استقلالية وانتقادا لانحرافات مسؤولينا) هو عبارة عن رسالة لكل من تسول له نفسه إفساد عرس السلطة في تحضير الخليفة الذي تفرضه دوائر القرار.وفي تلك الخانة يمكن إدخال مشاريع القوانين التي سارعت السلطات العمومية إلى إنزالها إلى البرلمان (قانون الانتخابات والضباط المتقاعدين) في خطوة جديدة للانقضاض على ما تبقى من مكاسب الديمقراطية والتعددية والحريات.فبدل أن تلجأ السلطة إلى ترجمة المكاسب الضئيلة التي جاء بها الدستور المفروض عبر قوانين عضوية وقوانين أخرى عادية، نعيش اليوم مرحلة التراجع عن تلك المكاسب ومرحلة الدوس على القوانين وفرض الأمر الواقع على مجتمع أتعبته سنوات الإرهاب، مثلما بدأت تنهكه مخلفات الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخانقة، فضلا عن خلق جو من التخويف والترهيب متمثل في الاعتداء الصارخ على القوانين وأدنى حقوق المواطنة.وإذا سمحنا لأنفسنا بتقييم شهر جوان، فإنه يمكن القول دون تردد أنه كان شهر استعراض العضلات والدوس على القوانين، وكان بذلك شهر الانقضاض على الحريات.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات