+ -

الاعتكاف في الشّريعة هو القعود عن التصرّف في المكاسب وغيرها وما يُباح من الجماع وغيره ملازمًا للمسجد مقيمًا. وأصل الاعتكاف في اللغة الإقامة. والاعتكاف هو في العشر الأواخر من رمضان سُنّة وفي غير رمضان جائز.واعلم أنّه لمّا كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى متوقّفًا على جمعيته على الله عزّ وجلّ ولم شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى فإنّ شعث القلب لا يلمّه إلاّ الإقبال على الله تعالى، وكان فضول الطعام والشراب وفضول مخالطة الأنام وفضول الكلام وفضول المنام ممّا يزيده شعثًا ويشتّته في كلّ واد ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى ويضعفه أو يعوقه ويوقفه.افتضت رحمة العزيز الرّحيم بعباده أن شرع لهم من الصّوم ما يذهب فضول الطعام والشراب ويستفرغ من القلب أخلاط الشّهوات المعوقة عن سيره إلى الله تعالى وشرعه بقدر المصلحة بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه ولا يضرّه ولا يقطعه عن مصالحه العاجلة والآجلة.وشرع لهم الاعتكاف الّذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله، وجمعيته عليه والخلوة به والانقطاع عن الاشتغال بالخلق، والاشتغال به وحده سبحانه وتعالى، بحيث يصير ذكره وحبّه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته ويستولي عليه بدلها، ويصير الهمّ كلّه به والخطرات كلّها بذِكره والتفكّر في تحصيل مراضيه وما يقرّب منه فيصير أنسه بالله بدلاً عن أنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له ولا ما يفرح به سواه فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات