كتبت منذ أيام أقول: إن أجواء حالة سوار الذهب في السودان مع النميري تحوم في الأجواء الجزائرية، وأن أجواء 19 جوان 1965 أصبحت ترى بالعين المجردة في الشارع الجزائري! هل من الصدفة يحدث الآتي:1 - الحكومة عبر مجلس الوزراء لا تجتمع، والرئاسة لا تشتغل، وكل الأمور التي تخص تسيير البلد تجري عبر قنوات غير مؤسساتية، قنوات عائلية وزبائنية وفي أحسن الحالات قنوات جهوية! متى كان الوزير الأول من صلاحياته تغيير مسؤولين كبار في مؤسسات الدولة (مدير أملاك الدولة) دون المرور على مجلس الوزراء؟!2 - الدستور يطبّق بالمقلوب هذه الأيام، ففي الوقت الذي تحدث معدّوه عن إطلاق الحريات السياسية، يأتي قانون الانتخابات ليلغي الأحزاب التي ساعدت السلطة على تحرير هذا الدستور بعيدا عن المعارضة، أحزاب قضت بها السلطة حاجة ثم رمتها في المزبلة السياسية!3 - هل من الصدفة أن البرلمان يصل به الحال إلى اعتماد القوانين بالكراسي الفارغة؟!أليست حالة برلمان اليوم تشبه حالة برلمان 1962 الذي فككه نهائيا 19 جوان 1965؟هل هذا هو محتوى الدستور الذي وضعه الحفافات وأحزاب الشيتة السلطوية والطحالب السياسية في الحزيبات المصنوعة من طرف وزارة الداخلية؟!4 – هل التحرش بالإعلام عبر قضية “الخبر” وقضية القنوات الفضائية الخاصة مسألة عادية، وهل التحرش بـ”الوطن” بلا سبب له ما يبرره؟! أليس هذا إثارة مقصودة للرأي العام من أجل الدفع به إلى الفوضى لتبرير تنفيذ سيناريو ما، قد يكون تم الاتفاق عليه بين الجيش والرئيس، يشبه الاتفاق الذي تم بين الشاذلي والجيش سنة 1992، أو الذي تم بين زروال والجيش سنة 1999؟!5 - هل من الصدفة أن تقول المعارضة اليوم لابد من حرق وثائق اعتماد هذه الأحزاب في ساحة الشهداء في مهرجان شعبي، لأن العمل السياسي أصبح مستحيلا في الجزائر؟! هل البلد الذي فيه هذه الأجواء يمكن أن يتحدث عن انتخابات وعن قانون للانتخابات؟!كل الدلائل تشير إلى أن البلاد أصبحت في حالة يستحيل معها إجراء أي انتخابات يقبلها الشعب حتى بالتزوير، وبالتالي فإن بوتفليقة بعد 17 سنة من الحكم أعادنا إلى الحالة التي كانت عليها العلاقة بين الجيش وزروال!6 - هل من الصدفة أيضا أن الجيش يقترح على الحكومة قانون إسكات ضباطه المتقاعدين؟!من هو المستفيد من إسكات الضباط المتقاعدين؟! هل فعلا هؤلاء الذين كانوا دائما الاحتياطي السياسي للجيش في مواجهة المدنيين أصبحوا اليوم ضد الجيش؟! هذا أمر غريب وغير طبيعي.7 - لماذا برمج الوزير الأول زيارته لمصنع المارسيدس التابعة للجيش في نفس اليوم الذي يقوم فيه قائد الأركان بمناورات عسكرية في الصحراء! هل هذا قلة تنسيق بين الإثنين، أم هو عمل مقصود يدل على وجود شيء ما في العلاقة بين الإثنين؟!8 - آخر شيء مضحك هو أن الشرطة منعت “الوطن” من دخول مقرها الجديد بحجة أن بُناته لا يملكون شهادة المطابقة! بناء بمثل جمال وعصرنة مقر “الوطن” ليس له المطابقة! كان على هؤلاء أن يبنوا مثل هذه البناية الجميلة في أوروبا، لأن حكومة الجزائر تعطي المطابقة “للبرارك” وليس للبنايات العصرية؟! إنه البؤس بعينه.9 - كل هذه الوقائع وغيرها تدل على وجود نية مبيّتة لإثارة الشعب لتمرير شيء ما.. لكن السؤال المحيّر: لماذا يحدث هذا؟ هل دائما ندفع بالبلاد إلى كارثة كي نمرر قرارا سياسيا يتعلق بنقل السلطة بطريقة فجة!نعم الحياة السياسية أصبحت صحراء، والحياة الإعلامية أصبحت كارثة.. والوضع الاقتصادي الاجتماعي أصبح خانقا.. ولا مجال لمعالجة هذه الأمور وفق دستور مهترئ ومؤسسات فاقدة للحياة، لكن هذا لا يبرر الزج بالبلاد في متاهات أخرى غير مدروسة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات