"البريكسيت" كارثة لبريطانيا وأوروبا على حد سواء

+ -

أكد الخبير المالي والاقتصادي، الدكتور كاميل ساري، على أن قرار لندن الخروج من دائرة الاتحاد الأوروبي تعتبر “كارثة” بالنسبة للجانبين، مشيرا إلى أن خسائر لندن لن تقل عن خسائر أوروبا، مع بروز حالة من الشكوك، حيث يمكن أن يدفع المسار الأسكتلنديين للانسلاخ من رحم المملكة المتحدة، فيما تخسر أوروبا ثاني أكبر الاقتصاديات.كيف تقرأون “البريكسيت”؟أعتقد أنه كان هنالك خطأ تقديري لدى الحكومة البريطانية برئاسة دافيد كامرون، وحسابات سياسوية تجاه الرافضين للبقاء في أوروبا، والآن لا يمكن الرجوع إلى الوراء، فقد صوت البريطانيون بالأغلبية على الخروج من الاتحاد الأوروبي.ما هي أهم الانعكاسات التي ستنتج عن الخروج البريطاني من الاتحاد؟هنالك انعكاسات جيوسياسية وأخرى اقتصادية على الجانبين، بل تصل أحيانا إلى حد وصفها بالكارثة، حيث إن بريطانيا يمكن على المدى المنظور أن تخسر أسكتلندا، هذه الأخيرة صوتت بنسبة 62 في المائة للبقاء في الاتحاد بنسبة مشاركة متواضعة، بينما صوّت أغلبيتهم في 2014 لعدم الانفصال من بريطانيا، ولكن نرى أن الوزير الأول الأسكتلندي، نيكولا ستيورجون، أشار إلى إمكانية تنظيم استفتاء ثان للاستقلال، وكما هو معلوم أن جزءا من مخزون النفط متواجد بأسكتلندا، كما أن خروج بريطانيا ستثير مضاعفات سلبية على إيرلندا.بالمقابل، هنالك آثار أخرى على المستوى المالي، فالبنك المركزي الذي كان يتمتع بسهولة التدفقات المالية، سيواجه عراقيل في ذلك، أن لندن يمكن أن تخسر عددا من المقرات للشركات، فهي كانت حاضنة للشركات لاسيما الأمريكية كبوابة باتجاه أوروبا، وحسب التوقعات فإن بريطانيا يمكن أن تخسر قرابة 10 في المائة من ناتجها المحلي الخام.من الجانب الآخر، فإننا ننتظر ردا أوروبيا بالتساؤل هل سيتم تطبيق نفس التعامل القائم مع النرويج، لكن هذه الأخيرة التي رفضت الانضمام لم تدخل ثم انسحبت، فأوروبا يمكن أن تخسر بعضا من الموارد المالية، لأن بريطانيا تساهم بحوالي 12 مليار أورو في الميزانية، ولكنها تستفيد أيضا من حوالي 6 ملايير أورو، وستتحمل الدول الأوروبية أعباء النقص البريطاني.من الناحية العملية ما الذي سيتأتى بالبرامج الأوروبية مع لندن؟ستواجه شركات أوروبية مشاكل في التصدير، كما أن المستثمرين سيترددون قليلا، فيما ستفقد أوروبا ثاني اقتصاد أوروبي في المفاوضات المتعددة في إطار المنظمات الدولية، وأكبر التأثيرات هي مراجعة اتفاقيات التبادل الحر، وعددها 60 بما في ذلك اتفاقيات مع الجزائر والمغرب وتونس، ويرتقب إلغاء أو تجميد عدد من البرامج الممولة من الاتحاد أو مراجعتها، وبالتالي سحب الدعم الأوروبي من بريطانيا، فيما ستضطر لندن إلى إعادة التفاوض حول اتفاق التبادل الحر مع بروكسل، وعموما يتوقع أن يخسر الاتحاد حوالي 1 في المائة من الناتج خلال السنوات الخمس المقبلة، بينما سيفقد البريطانيون حقهم في المساهمة في السياسات الأوروبية الاقتصادية.بالمقابل، هنالك مكاسب أوروبية، فلندن كانت عاملا كابحا للعديد من القرارات، كما أن دولا مثل فرنسا ولوكسمبورغ يمكن أن تستفيد من الانسحاب، وإن كان القلق سينتاب أوروبا من دعم التيارات اليمينية واليسارية المتطرفة الداعية للانسحاب من الاتحاد، بما في ذلك في فرنسا، بينما يمكن أن تفقد اليونان مثلا الدعم البريطاني في عز الأزمة، وستقوض مشاريع مثلما كان الحال لدمج بورصتي فرانكفورت ولندن، وهو ما كان سيزيح بورصة باريس.هل من تأثير لخروج بريطانيا على شمال إفريقيا والشرق الأوسط؟التأثير يمكن أن يطرح على المستوى المالي بالنظر إلى الرساميل العربية في بريطانيا، لكون لندن ساحة مالية، لكن الأمر غير قطعي، أما دول شمال إفريقيا فيمكن أن تتأثر مع إعادة النظر ومراجعة اتفاقيات الشراكة، لاسيما المغرب وتونس اللذان يستفيدان من نظام الحصص للمنتجات الفلاحية والصيد البحري.

“البريكسيت” مختصر باللغة الإنجليزية يعني الخروج البريطاني أو الانسحاب البريطاني، ويعنى بها قرار مسار استفتاء في بريطانيا للخروج أو البقاء في الاتحاد الأوروبي، وهو مسار يختلف عما عرف اختصارا أيضا بـ”غريكسيت”، الذي كان يعني خروج اليونان من منطقة الأورو في سنة 2015.  ويعني “البريكسيت” إقرارا بخروج طوعي وإرادي لبريطانيا من الاتحاد، ففي 23 جانفي 2013 أعلن الوزير الأول، دافيد كامرون، عن تنظيم استفتاء شعبي للبت في إمكانية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقد تم تنظيم الاستفتاء بتاريخ 23 جوان 2016، أفرز تصويت 51.9 في المائة من الأصوات مع نسبة مشاركة كبيرة قدرت بـ72 في المائة، وكان أمام الحكومة بدائل منها انتظار مدة زمنية قبل العودة إلى الاستفتاء، وقد وعد الوزير الأول البريطاني المستقيل باحترام إرادة الناخبين البريطانيين، حيث سيتم تعويضه بعضو من الحزب المحافظ البريطاني، وحسب الخبراء، فإن مسار الانسحاب البريطاني يمكن أن يمتد لسنتين، وهي المدة التي تستغرقها مراجعة الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي، وتنص المادة 50 من اتفاقية الاتحاد الأوروبي عن احتمال خروج بلد عضو، حيث تشير المادة إلى وجود إشعار مسبق والتفاوض.   

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات