+ -

 لم تتوقع إحدى العائلات ببئر التوتة في العاصمة أنها على موعد مع أيام صعبة، وأن الزوج سيرحل فجأة ويترك زوجته و5 أطفال، لا يتجاوز كبيرهم 18 سنة، يصارعون شبح الفقر دون عائل، وبلا مصدر رزق قار يحميهم من حياة البؤس والشقاء، وهم لم يبلغوا بعد عمرا يسمح لهم باقتحام حياة الشغل ومساعدة والدتهم.وفي زيارة للعائلة، وقفت “الخبر” على حجم المأساة.. عائلة تتجه نحو مستقبل مجهول، تقتات على صدقات المحسنين بعد رحيل الزوج فجأة إثر حادث أودى بحياته، تاركا خلفه 5 أطفال وأمهم يواجهون الحياة الصعبة، سوى مساعدات الجد طريح الفراش الذي يصارع هو الآخر مرضا مزمنا.وصلنا البيت ففتحت الزوجة بوجه ترتسم عليه ابتسامة خفيفة، توحي بأنها صامدة رغم المعاناة، متشبثة بالحياة بمعية صغارها الذين كانوا خلفها متشبثين بثوبها.. رحبت بنا ووجهتنا إلى قاعة الاستقبال وما أن دخلنا حتى التف الأولاد حولنا وظلوا يرمقوننا بنظرات تعكس شوقا وفرحا داخلهم، كمثل الأطفال الذين ينتظرون والدهم يوميا عند المدخل لافتكاك ما جاء به من هدايا وحلويات.جلسنا في وضعية دائرية نلعب مع الأولاد، وشرعت الأم في سرد تفاصيل يومياتها، وكيف تجاري مطالب أبنائها اللامتناهية من أكل وملبس ومصاريف دراستهم، إلى جانب مستحقات الكراء والكهرباء والماء. قالت الأم وعلامات الخجل بادية على محياها “أجتاز بشكل يومي امتحانا لأنجح في تحقيق لقمة العيش للصغار، فما أن يستيقظوا صباحا حتى ينادوني “ماما نشرب حليب” وتصدح أصواتهم أرجاء البيت لأسارع في إعداد وجبة الإفطار بما توفر من مواد.في هذه الأثناء، شد انتباهنا غياب رائحة الطهي وأصوات القدر التي عادة ما تنبعث من المطابخ في أوقات الغداء في المنازل، فأدركنا أن الأم إذا نجحت في إعداد الفطور فإنها تفشل في إعداد الغداء..روت الأم لـ “الخبر” كيف تغيّرت حياتها فجأة ووجدت نفسها في مواجهة مع الفقر تلعب كل الأدوار الأب والأم والصديق والجار، لحماية العائلة من التفكك، تسهر على تربية صغارها وتحرص على تدريسهم بإمكانيات شحيحة، وتعمل على تسليحهم بالإرادة وتحمّل الواقع الصعب”.توقفت المتحدثة عن الكلام والتفتت إلى صورة موضوعة في إطار فوق التلفاز، يظهر فيها الزوج يرتدي قميص أبيض ويحتضن أطفاله الخمسة وهم بألبسة جديدة، التقطت لهم في عيد الفطر المنصرم، قبل أن يخطفه الموت ويتركهم يتحملون عناء الحياة وتقلباتها بمفردهم، لتظل تلك الصورة شاهدة على فترة قضوها مع والدهم لن تعود أبدا.شردت المتحدثة في تلك الصورة لحظات، واستعادت تركيزها حين رنّ هاتفها النقال موحيا باتصال لابنها الكبير الذي توقف عن الدراسة وهو لا يزال في الطور المتوسط متأثرا بوفاة والده، واختار الحياة العملية وهو بعد يافع لا يقوى على حمل الأشياء الثقيلة، لكن والدته تسعى دائما إلى إقناعه بالعودة إلى الدراسة كأحسن حل، وهي ستعمل على توفير كل احتياجاته، وقالت إنها لا تتوقف عن منحه حنانها ومعاملته بليونة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات