تمنيت أن أكون رسّاما كاريكاتوريا هذه المرة، لأكتب بالصورة المضحكة التي يمكن أن تعبّر عن هذا الواقع المزري أكثر من الكلمات.فأرسم مثلا “النوائب” والنائبات في البرلمان من الحفافات وهن يحملن أدوات الحلاقة لقص ألسنة الجنرالات والألوية والكولونالات المتقاعدين من الجيش! ما أروعها صورة معبّرة عن الواقع الذي يجري في البرلمان!الحفافات يقطعن ألسنة الجنرالات من “اللّغاليغ”! بقانون التحفظ!ما أتعس جنرالات الجزائر المتقاعدين، حين تقوم حفافات برلمان البؤس بالتشريع لهم واجب التحفظ، لأنهم لا يعرفونه! وما أسعد الشعب الجزائري الذي أذله هؤلاء عندما كانوا في السلطة، واليوم ينتقم لهذا الشعب الحفافات في البرلمان هذا الانتقام المؤثر والرهيب!تصوروا معي الجنرال توفيق الذي كان يقطع لسان من يذكر اسمه.. الآن تقطع له لسانه حفافة بشفرة حلاقة إذا تحدّث في السياسة!كثير منا يقول: “ربي يخرج الحق في الدنيا”! ولكن بمثل هذه الصورة لم نكن نتوقعها أبدا!أعتقد أن أكبر إهانة قام بها بوتفليقة لهؤلاء الجنرالات المتقاعدين ليس إبعادهم من الجيش والسلطة فقط، بل الإهانة الحقة هي أن يضع لهم الحفافات قانونا يمنعهم من الكلام، الذي هو مكفول دستوريا حتى لأشباه البشر!هل يعقل أن يقول لنا من أعدّ هذا القانون إن الجنرالات الذين حكموا البلاد 50 سنة.. وشيّدوا هذه الدولة... وكتب عنهم كبار الكتاب والصحافيين العالميين يقولون: “الجزائر بلد يبنيه العسكريون”! هؤلاء الآن أصبحوا لا يعرفون الحدود السياسية للتحفظ بما يقولونه، وبالتالي وجب عليهم أن يأخذوا ذلك من حكومة البؤس المدني الحالية وبإثراء هذا القانون من النائبات الحفافات؟! أي جنرالات هؤلاء الذين كانوا يحكموننا؟!ضباط فرنسا في بداية الاستقلال وفي عهد بومدين فرضوا على المجاهدين السكوت... وبومدين قال لهم: من يفتح فمه أضع له حجرة فيه! لكن هذا لم يكن الأمر مهينا بمثل هذه الصورة البائسة.. اليوم الحفافات يقولون بالقانون، الذي لا يعرفه الجنرالات للأسف، من يفتح فمه نقطع له لسانه بمقص الحفافات!نحن الصحافيين يقصون لنا الكلام والأقلام بالمقص، ووضعنا أهون من وضع الجنرالات الذين يقصون لهم ألسنتهم بأدوات الحفافات!نعم.. أكاد أجزم بأن الأمر لا يتعلق بقضية واجب التحفظ، بل يتعلق بترتيبات تخص قرار ما يتعلق بعملية انتقال السلطة، ويتخوف المعنيون من تحرك هؤلاء الجنرالات المتقاعدين في الوقت المناسب، ولذلك وجب قطع ألسنتهم بأدوات حلاقة حفافات البرلمان... إنه البؤس يا بلدي.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات