وجّهت مؤخرا وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات، تعليمة جديدة إلى كل المؤسسات الاستشفائية المتوزعة عبر الوطن، أخطرت فيها المديريات المعنية ضرورة تطبيق التوصيات التي قررتها الوزارة الأولى بخصوص تقاعد أساتذة الطب، حيث تم تحديد يوم 23 سبتمبر القادم كآخر أجل لإحالة البروفيسورات الذين بلغوا أو تجاوزوا سن السبعين على التقاعد. يبدو أن السلطات المركزية مُصرة على تطبيق السن القانونية التي تم تحديدها لإحالة أي بروفيسور تجاوزها على التقاعد، بالرغم من المعارضة التي استظهرها الأساتذة المعنيون للطريقة “غير اللائقة” التي تمت معاملتهم بها، يقولون، بعد سنوات طويلة من الخدمة داخل القطاع العمومي.وأبرقت وزارة الصحة إلى جميع إدارات 16 مركزا استشفائيا جامعيا، زائد المؤسسات الاستشفائية الجامعية وعشرات المراكز الاستشفائية المنتشرة عبر ولايات الوطن، أمرتها فيها بالحرص على تنفيذ تعليمة عبد المالك سلال، وذلك بإحالة كل بروفيسور بلغ سن السبعين على التقاعد قبل 23 سبتمبر القادم الذي تم تحديده كآخر أجل، مع تجريد كل الأساتذة الذين بلغوا سن 65 سنة من رئاسة المصالح التي يُشرفون عليها، وإمكانية استمرارهم في ممارسة نشاطهم دون أي مسؤولية.وحسب المعلومات المستقاة من جهات مطلعة على تفاصيل هذا الملف الذي أسال الكثير من الحبر، فإن مجموع أساتذة الطب المعنيين بالإحالة على التقاعد لبلوغهم السن القانونية يتجاوز الـ 200 بروفيسور، من بينهم 19 بروفيسور في المركز الاستشفائي الجامعي لوهران وحده، حيث تم تحديد هذا العدد بعد الدراسة التي قامت بها كليات الطب وإدارات المستشفيات، استجابة لمحتوى التوصيات التي قررتها السلطات العليا.وقد أثارت هذه الطريقة التي اعتمدتها الوزارة الوصية لإنهاء المشوار المهني لأساتذة متخصصين في مختلف المجالات الطبية، حفيظة السواد الأعظم منهم، باعتبار أن جانبا كبيرا ممن بلغوا سن 65 سنة، رفضوا الاستمرار في النشاط داخل المصالح التي قضوا سنوات طويلة وهم يرأسونها، وعمدوا إلى تقديم ملفات إحالتهم على التقاعد تفاديا لأي حرج أو إهانة بعد أن تحوّلوا بين عشية وضحاها إلى متلقين للأوامر من تلاميذهم الذين أشرفوا على تدريسهم وتلقينهم تقنيات الطب.وأمام تسارع هذه المستجدات المتعلقة بإحالة أساتذة الطب على التقاعد، عمد مؤخرا عشرات الأساتذة إلى تشكيل نقابة تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين بغرض الدفاع عن مصالحهم، وذلك بالتنسيق مع أمين عام المركزية النقابية، حيث من المرتقب أن تجتهد النقابة المذكورة في محاولة إقناع السلطات المعنية بتمكين الأساتذة من نسبة 80 في المائة من رواتبهم فور إحالتهم على التقاعد، على غرار باقي مستخدمي الوظيف العمومي، إذ أنهم لا يتقاضون في الوقت الراهن سوى نسبة 55 في المائة من أجورهم، وذلك لارتفاعها مقارنة مع سقف المعاشات المحدد في قانون التقاعد.وبالرغم من اللغط الكبير الحاصل منذ مدة حول موضوع إحالة رؤساء المصالح على التقاعد وحرمان المرافق الصحية من كوادر طبية تملك خبرة واسعة في مجالات متعددة، إلا أن الشق الآخر من انعكاسات هذا القرار، سيسمح بإنهاء سيطرة العديد من الأساتذة الذين حوّلوا المصالح التي يشرفون عليها إلى مملكات خاصة، لدرجة أن بعضهم استباحوا “ممارسات تعسفية” وصلت إلى حد طرد أحدهم المرضى من إحدى مصالح المستشفى الجامعي بوهران بسبب نوبة غضب، وحرمان آخر، نزلاء مصلحته من الأدوية، والاستفادة من الفحص بالمعدات الطبية بسبب نزاعه مع فريق الأطباء الذين يقعون تحت إمرته، وقيام آخر بتفويض ابنه لتوقيع وثائق المصلحة، رغم أن هذا الأخير لا يمت بأي صلة لها، ناهيك عن بعض الممارسات الأخرى، مثل استغلال البعض امتيازات تبوئهم للمصالح، خاصة مع مخابر الدواء وموردي المعدات والمستحضرات الطبية.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات