تعرضت قناة تلفزية خاصة مرخص لها بالعمل في الجزائر إلى إلغاء صفقة إشهارية بقيمة 30 مليار سنتيم مع شركة عمومية تعمل في حقل الاتصالات.التبريرات التي قدمتها الشركة المعنية في إلغاء الصفقة مع القناة، هي دخول الشركة العمومية هذه في مرحلة التقشف التي تطبقها الحكومة.لكن المبرر لم يقنع الطرف المتضرر من إلغاء الصفقة، واعتبرت القناة أن إلغاء الصفقة مرده إلى ما بثته القناة من موضوعات تخص الحكومة:1 - قامت القناة بنقد لاذع للتغيير الحكومي الجديد الذي أصدره الرئيس بوتفليقة، وهو النقد الذي فُهم على أنه تحرش من القناة بالحكومة، خاصة وأن القناة عُرفت بأنها على علاقة مباشرة بدوائر مقربة من الرئاسة، وفهمت أوساط حكومية أن تحرش القناة بالحكومة الجديدة مرده عدم رضى هذه الجهات الرئاسية عن التغيير الحكومي الأخير، وأن جهات أخرى غير قناة هؤلاء هي التي ساهمت في إحداث التغيير بإقناع الرئيس بذلك، وهذا ما يدل على أن الرئيس يستخدم أكثر من جهة إدارية في اتخاذ القرارات.2 - القناة أيضا قامت مؤخرا ببهدلة الوزراء عن طريق برنامج الكاميرا الخفية.. فرغم أن البرنامج فكاهي وساخر، إلا أن صورة الغباء الذي ظهر به الوزراء الذين وقعوا في فخ الكاميرا الخفية، أعطى الانطباع عن محدودية مستوى ذكاء بعض وزراء حكومة سلال.. وهو ما دفع بالرأي العام الوطني إلى التهكم على مستوى هؤلاء الوزراء أكثر حتى من التهكم على التغيير الوزاري الأخير! وهو ما دفع بالقناة إلى تأجيل بث ما تبقى من حلقات تخص الوزراء.3 - لكن الراسخين في علم الفساد يقولون إن إلغاء الصفقة مع القناة بحجة التقشف أو التحرش بالحكومة ما هو إلا حجة واهية.. وأن الأمر يتعلق باكتشاف جهة ما في الحكومة لملف فساد يتم لحساب أبناء مسؤولين نافذين في السلطة، يقومون بالوساطة التجارية بين هذه الشركات العمومية والخاصة، عبر مؤسسات وهمية للإشهار، تسمى “وكالة إشهار”، وأن مبالغ خيالية مضخمة قد تم تحويلها تحت هذا العنوان لفائدة أناس لا علاقة لهم بالإعلام والإشهار! وأن إلغاء الصفقة هو عمل استباقي لطي الملف قبل أن تفوح روائحه! وأن صفقة القناة قد تكون ضحية للصراع بين هؤلاء، تماما مثلما هو الصراع بينهم حول تعيين الوزراء!4 - هذه الصورة البائسة تعكس خطورة الفساد على الإعلام واستقلاليته وحريته... وأن الإعلام كلما التصق بالفساد السياسي والمالي كلما فقد حريته!لكن هذه القضية قد تكون بداية لفتح ملف الفساد في تسيير الإشهار العام والخاص. ونتمنى أن يحدث ذلك ولا يكون الأمر مجرد “فعل” معزول لصفقة معزولةحتى ولو كانت بهذا الرقم المهول!في الماضي جدتي كانت تقول إذا اختلف السرّاق ظهر المال المسروق... لكن عندنا يختلف السرّاق ولا يظهر المال المسروق!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات