مما لا شك فيه، أن إعلان بورصة الجزائر فشل عملية إدراج جزء من أسهم مصنع الإسمنت عين الكبيرة، عبر الدعوة للادخار العام، يكشف عن النقائص التي يعرفها السوق المالي في الجزائر، كآلية من آليات التمويل. ويأتي هذا الأمر ليؤكد بأن الجزائر لا تزال بعيدة عن تشكيل سوق مالي فعال على غرار ما قامت به دول عربية أخرى.القرض السندي جنّد موارد الهيئات العموميةالحكومة تفتقد لرؤية واضحة حول تفعيل البورصة يكشف فشل إدراج أسهم عين الكبيرة التابعة لمجمع الاسمنت الجزائري ”جيكا”،عن جملة من المعطيات. فالعملية جاءت في ظرف زمني غير مناسب، وهو ما يعكس غياب رؤية واضحة لدى السلطات العمومية التي اختارت توقيتا تزامن مع مسعى للسلطات العمومية تجنيد أكبر قدر من الموارد المالية والسيولة من السوق وقامت بتجنيد البنوك وشركات التأمين في عملية القرض السندي الذي كشف عن محدودية نتائجه، كما جاءت في أعقاب عمليات سابقة لم تسجل نتائج معتبرة، مما كان يستدعي إعادة النظر في الآليات المعتمدة والاستراتيجية المتبناة. في وقت استقطب القرض السندي جهود الحكومة والسلطات وجعلته رهانا حقيقيا بالنسبة إليها، تم إطلاق عملية إدراج جزء من رأسمال مصنع عين الكبيرة، الذي سرعان ما تبيّن محدودية نتائجه، حيث لم يحقق سوى حوالي 5 في المائة من الموارد المالية المرجو رصدها، بينما كان الحد الأدنى المطلوب هو 20 في المائة، وكان الهدف من العملية هو إيجاد موارد مالية تضمن استثمارا يتيح للشركة الرفع من قدرات إنتاجها المقدرة بـ 1.3 مليون طن إلى 3 ملايين طن. وأمام صعوبة لجوء الحكومة للبنوك وشركات التأمين لإنقاذ العملية بفعل انشغالها وتجنّدها في عملية القرض السندي، فإنه تم الإعلان عن فشل العملية.وكان من المفترض أن تقوم الشركة العمومية برفع رأسمالها لرصد ما قيمته 18.953 مليار دينار، بينما تقدر قيمة الاكتتاب بـ1600 دينار للسهم الواحد، مما يساهم في دعم القيمة الاسمية للمؤسسة بـ54 مليار دينار، أو ما يعادل أكثر من 509 مليون دولارلفتح رأسمال الشركة العمومية بنسبة 35 في المائة.سعت السلطات من خلال إطلاق العملية، إعادة إنعاش عمليات الخوصصة للشركات العمومية الصناعية وضمان توفير موارد مالية في فترة شح الموارد المالية، والتخفيف من اللجوء الآلي لمساهمة البنوك لدعم ومصاحبة المؤسسات العمومية، حيث ظلت مثل هذه العمليات تشكل عبئا كبيرا من خلال عمليات التطهير وإعادة الرسملة المتواصلة. وقد برمجت السلطات العمومية دخول ما بين 8 إلى 11 مؤسسة عمومية منذ قرابة 10 سنوات ولكن العملية لم تكلل بالنجاح، بينما ظل القطاع الخاص مترددا خاصة بعد النتائج المحتشمة المحققة من شركات خاصة خاضت تجربة البورصة وتراجع قيمة أسهمها وقلة تداولها. ومن شأن هذا الإخفاق أن يزيد من تردد هذه الشركات، فضلا عن تأجيل رزنامة دخول شركات عمومية، حيث كانت شركات عمومية مرشحة لدخول البورصة وطرح جزء من أسهمها، منها كوسيدار والقرض الشعبي الجزائري وموبيليس وشركة التأمين وإعادة التأمين وهيدرومناجمنت والشركة الوطنية للتبغ والكبريت وعدد آخر من المؤسسات التي كانت مرشحة، في ظل نقص السيولة وفشل عمليات الالتزام الضريبي والقرض السندي ونقص الموارد العمومية نتيجة تراجع إيراداتها، ناهيك عن تراكمات تجارب الشركات التي دخلت البورصة، فهناك مشكل التداول السلس للأسهم وسيولتها لضعف التداول، مما يفقد الأسهم من قيمتها الاسمية ويضر بالمؤسسات المكتتبة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات