+ -

لم يظهر من قرار المحكمة الإدارية ليوم 15 جوان الجاري، سوى نية واضحة ورغبة جامحة في أن السلطة تريد، مع سبق الإصرار والترصد، “غلق” جريدة “الخبر”، ليس كرها فيها فحسب، ولكن لأنها ترى في ذلك بمثابة “إنجاز” حكومي نجحت في تحقيقه، في ظل غياب إنجازات حقيقية تذكر في البلاد.كل الحقوقيين ورجال القانون الذين تحدثوا لأكثر من شهر حول “قضية الخبر - وزارة الاتصال” لا يعرفون القانون ولا يفقهون في العقود والمواثيق ولا في قانون الإعلام ومواده، بعدما قالت السلطة كلمتها “لن أريكم إلا ما أرى” إلى درجة أن منظمة “مراسلون بلا حدود” أعربت عن صدمتها إثر تلقيها خبر الحكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية ببئر مراد رايس الأربعاء 15 جوان، القاضي بتجميد بيع أسهم مجمع “الخبر” لناس برود فرع المجموعة الصناعية سيفيتال، وذلك إثر القضية الاستعجالية التي رفعتها وزارة الاتصال في ماي الفارط.ويفهم من وراء الحكم الصادر من طرف القاضي محمد دحمان، والذي سيدرس مستقبلا كأحد ثمار “الدولة المدنية” التي جاء بها الدستور الجديد، أن كل الناس كانوا على علم بالصفقة بين الخبر وناس برود، بما في ذلك الحكومة والقضاء وحتى الرأي العام، وجرت كل الأمور واكتملت أركان الصفقة بالكامل، ليأتي بعدها القضاء ليقرر “تجميد” الصفقة ويعطي لوزارة الاتصال حق رفع الدعوى، ما يعني أن وأد جريدة تحول في الجزائر إلى “إنجاز” حكومي، في وقت تراجعت “الانتصارات” الوهمية المحققة من قبل السلطة عقب تهاوي أسعار البترول وتراجع سياسة توزيع “الأظرفة المالية” لشراء الولاءات. وعندما تقول ياسمين كاشا، مسؤولة مكتب شمال إفريقيا في منظمة “مراسلون بلا حدود”: “بالرغم من أن الحكم ليس نهائيا إلا أنه مقلق للغاية. وتدعو السلطات القضائية إلى التعامل بحيادية مع القضية في آجال معقولة نظرا للأوضاع المالية للمجمع”، فهي تعي جيدا أن السلطة تعمل بكل الوسائل القضائية وغير القضائية من أجل الدفع إلى “إفلاس” مجمع الخبر بطريقة “قضائية” على طريقة المؤامرات بالـطريقة “العلمية” التي كان من ضحاياها المرحوم عبد الحميد مهري، وما زالت تداعياتها قائمة حتى اليوم داخل حزب السلطة الأول “الأفالان” الذي كان من المباركين الأوائل لوأد “الخبر”.وإذا كانت “الخبر “ الجزائرية بمثابة “لوموند” الفرنسية، مثلما قال رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، فكيف لا تحاكم الاثنتان من طرف سلطة واحدة، الأولى من قبل وزارة الاتصال في المحكمة الإدارية لبئر مراد رايس والثانية من طرف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في محكمة باريس، وذلك فقط اعتقادا منهم بأن محاكمة “لوموند” تعتبر إنجازا غير مسبوق، لأنه سيكبر السلطة في الجزائر ويصغر من قيمة “لوموند” في عيون العالم !!!عندما قال الرئيس الأمريكي توماس جيفرسون، واضع الدستور الأمريكي، “لو خيرت بين أن تكون لنا حكومة بدون صحافة أو صحافة بدون حكومة لاخترت الثانية دون تردد”، ففي ذلك بعد نظر بشأن أمريكا التي تتربع على عرش العالم، لكن عكس ذلك يجري في الجزائر، حيث أن السلطة تريد أن تكون “لنا حكومة بدون صحافة” حتى يسهل أمر الفساد والمفسدين !!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: