كان واضحا أن السلطة توظف عامل الوقت لاستفراغ شحنة التعاطف السياسي والشعبي مع صحيفة “الخبر”، عبر تكتيك ترحيل موعد الحكم إلى آجال لا تتطابق مع الطابع الاستعجالي، لكنها تتطابق مع تكتيكات السلطة، حيث يكون الناس منشغلين برمضان والبكالوريا..واهم من كان يعتقد أن القاضي يمكن أن يصدر حكما غير الذي أصدر! فهو يتبع وزير العدل، والعدل يعرف في الجزائر قصره ولا يعرف سره، والقاضي محكوم بواجب التضامن الحكومي أكثر مما هو محكوم بالضمير والقانون، وأنى لقاضٍ أن يخرج عن سياق التضامن الحكومي؟ فلا توجد سوابق أصدرت فيها المحاكم مثلا حكما يخص شرعية إضراب أو موقف لصالح نقابة أو حزب ضد هيئة حكومية، لم يحدث ذلك مطلقا.السلطة لا تخسر حروبها الداخلية، لا مع المعارضة ولا مع النقابات ولا مع الصحف ولا مع الشارع، تلك هيبة الدولة التي تعلمها سدنة المعبد من دفعة البساط الأحمر وأشبالهم، السلطة أسد علي وفي الحروب نعامة، هي تخسر حروبها فقط في مطارات باريس وفي أروقة الكيدورسيي، وفي محكمة جنيف ومحكمة المنازعات الدولية في لندن التي غرمت سوناطراك 300 مليون دولار لصالح شركة إيطالية وفرنسية، وتخسر حروبها في أسواق القمح والدواء حيث تعود بجيوب خاوية، وفي محافل النفط والغاز حيث لا صوت ولا صدى لحكومة البلد المريض.السلطة غارقة في التكتكة، فصدها ذلك عن كل منجز تنمية، وكلما أبدعت السلطة في التكتكة حصدت الريح، تُتكتك للإطاحة بربراب فيطيح بها فتيانها بتسريب أسئلة البكالوريا، وتُتَكتك لتقسيم الأحزاب فتغرق أحزابها في البؤس والعنف، وتُتَكتك لقمع النقابات المطالبة بالحق الاجتماعي فتكسر أسعار النفط عصاها وعصيها، تتكتك لإسكات كل صوت يقول يا أيها الناس إن البلد في المنحدر، وترصد خطوة كل حر، فيتسلل من خلفها صحفي إسرائيلي إلى فناء البيت، تُتكتك لتنفخ ريشها في عز الأزمة، فيغتال كبرياءها زائر جاء من باريس وافتك صورة مؤلمة للرئيس.هنيئا للسلطة انتصارها المظفر في بئر مراد رايس، وهنيئا للحكومة وزيرها وقاضيها وعدلها وعدالتها.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات