+ -

 منذ اشتعال قضية “الخبر” مع وزارة الاتصال، يلاحظ كل متتبع تضامنا شعبيا كبيرا مع القضية من مواطنين بسطاء، أطباء، مستخدمي الجيش، صحافيين.. واللافت أيضا حتى رؤساء أحزاب من كل التوجهات رغم اختلاف أيديولوجياتهم ومواقفهم واتفاقهم على الممارسة السياسية “الرديئة”، كما يصفها المختصون، تضامنوا مع “الخبر” إعلاء ودعما لحرية التعبير، ولكن الأمر الذي يحز في النفس، هو تنكر أغلب المؤسسات الصحفية للقضية، وكأن الأمر لا يعنيهم، ما يؤكد أن الممارسة الإعلامية في البلاد وصلت إلى أدنى مرتبة في الفساد والرداءة.أن يتم ضرب “الخبر” من طرف الوزارة في نظري أمر عادي في دولة دكتاتورية، ولكن أن تضرب الصحافة بالصحافة بسبب اختلافات بينها في الرؤية، وهذا أمر عادي، هو ما يؤكد أن الصحافة في بلادنا تعيش أردأ وأصعب أيامها، والقارئ أو المشاهد لهذه القنوات قد لا يجد ذكرا لقضية “الخبر”، وإن وجد ففيه شيء من الرضا بما يحدث، أو كما نقول بالعامية “يستشفاو فيها”، هو إذن عداء وكره من زملاء المهنة. فماذا ننتظر من أعدائها؟توجي محمد - قارئ محب للجريدة ملاحظتك في محلها، وليت عدم التضامن مع “الخبر” كان بسبب الاختلاف في الرؤية، فهذا أمر نبيل. لكن السبب يشبه إلى حد بعيد منطق “الضراير” في بيت الزوج الواحد. الغضب على واحدة يؤدي بالضرورة إلى زيادة الحنية على الأخرى. والحنية هنا تعني الوصول إلى منافع أكثر من “أناب”، وإلى خطوة إضافية عند السلطة فيما يتعلق بالأخبار والامتيازات، وكل ذلك فيه أصابع يد السلطة.هل باستطاعتك يا أخي محمد أن تقول لي: لماذا لا تترك السلطة نقابة المحامين وشأنها؟ ولماذا لم تسمح أيضا للصحافيين بإنشاء نقابتهم؟ إنها سياسة “فرّق تسد”، والأمر هنا لا يتعلق بقوة السلطة وحدها، بل يتعلق أيضا بقلة وعي الصحافيين ولا أقول ملّاك الجرائد وحدهم.صحافة قوية ومتحدة تعني سلطة أخرى كانت تسمى “رابعة”، وأصبحت اليوم بفعل التقدم التكنولوجي سلطة أولى، أي سلطة السلطات، لهذا لا تسمح السلطة بظهورها هكذا ببساطة ودون نضالات.تتذكرون كيف قاد الصحفيون في سنوات 1987، 1988، و1989 عمليات التحول بواسطة حركة الصحفيين التي ولدت من رحم مظالم السلطة ضد القطاع سنة 1987؟ حدث ذلك لأن وعي الصحافيين كان سابقا للوعي العام الذي عبّر عن نفسه في أحداث أكتوبر 1988 وما تلاه.. كان ذلك سببا في التحول الذي حدث عقب دستور 1989، حيث كانت الصحافة رأس حربة في تشريع التحوّل والتغيير.. صحافيو الحزب الواحد كانوا أكثر وعيا من صحافيي التعددية المغشوشة[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات