38serv
قدم، أمس الأول، المخرج سيد علي فطار تجربته الإخراجية الروائية الطويلة الجديدة، الموسومة بـ ”المعاناة”، وهو إنتاج مشترك بين الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، و”أمين إنتاج”، بدعم من وزارة الثقافة عبر صندوق دعم صناعة وتقنيات السينما ”فداتيك”. يعد الفيلم محاولة لتفكيك مشهد الحياة في جزائر التسعينيات، من خلال تسليط الضوء على مشروع الوئام المدني، وقصص إنسانية أخرى. خيبة أمل، الآنسة كريمة ابنة سي مصطفى، هذا الرجل المتقاعد الذي لا يتمتع بالراحة البدنية والنفسية بسبب متاعب الحياة، لم تكن إلا جزءا بسيطا من خيبة أمل السينما الجزائرية في أحدث إنتاجاتها، فالتعب والإرهاق الذي ظاهر عليه ”سي مصطفى” جراء قلقه على مصير أولاده الذين رمت بهم أمواج الحياة في اتجاهات مختلفة، لم يكن كافيا ليصنع من فيلم ”المعاناة” عملا سينمائيا محترما، تصفق له بصدق عند ”جنيريك” النهاية.تبدو حكاية الفيلم، حسب ملخصها، عملا جيدا؛ فالابن الأكبر محمود التحق بالجماعات الإرهابية، ثم يعود للاستفادة من مشروع الوئام، ولكنه يفشل في الاندماج في المجتمع فيصير مجرما، بينما يعيش أخوه الأصغر حياة زوجية مشتتة، وتزداد معاناة وحسرة الوالد سي مصطفى قلقا على الابن الأصغر رفيق الذي اختار الهجرة السرية إلى أوروبا.وقع العمل ضحية الإخراج وقلة الميزانية والاستهتار بأبجديات العمل السينمائي، زاده تعب العرض الذي قدم بنسخة ”دي في دي”، وهو ما رفع من ”معاناة” مشاهدة الفيلم إلى أبعد حد، ما جعله يظهر باهتا في كل شيء، في الصورة والصوت والحيز الزماني للقصة. فرغم أن مدة الفيلم لا تتجاوز الساعة ونصف، إلا أنه يدعوك للشعور بالملل، بمجرد مرور ساعة من الفيلم، وهو يرهن عقلك ومشاعرك أمام قصص بحجم الحواديت الصغيرة المبعثرة في فيلم حاول اللعب على أوتار حساسة، دون جدوى، فالمخرج أراد مغازلة مشروع المصالحة الوطنية في البداية، قبل أن يتحوّل إلى ناقد لها.. حاول أن يقدم فيلما سينمائيا، فلم يصل إلى مستوى فيلم تلفزيوني، وبدا واضحا عدم إعطاء المخرج مساحة كافية للموسيقى التصورية لتتكلم وتلمم تفاصيل الحوار الذي لم يكن هو الآخر متناسقا بالشكل الكافي.بينما شكلت أخطاء المونتاج والميكساج هامشا كبيرا من ”معاناة” الفيلم، الذي لم يقدم إدارة جيدة للممثلين، ولم يحرر لغة الفيلم من أزمة اللهجة، بينما وقع في عدة أخطاء في الديكور والملابس والإكسسوار، ليخرج الفيلم من الحيز الزمني المقرر له في خلط كرونولوجي للأحداث، معتمدا على صور أرشيفية لتجاوز ضعف الميزانية، هكذا كانت ”المعاناة” في شاشة قاعة سينما ”الجزائرية” في يوم مرهق من أيام رمضان.يدخل الفيلم - إنتاج 2015 - في كواليس حياة الإرهابيين، ثم يخرج مسرعا إلى حكايات يومية لا تتضح معالم علاقتهم الحقيقية بالفيلم والسيناريو، بينما يبقى عنوان الفيلم ”المعاناة” الكلمة الأبرز في الفيلم الذي وقع ضحيته عدد من الممثلين، منهم حمود لوكال، ويونس لاروي، وعبد القادر تاجر، ومسعود زواوي، ولغواطي رضا، وربيعى سلطاني، وأمين بوشملة، الذين شاركوا في تجسيد مختلف الشخصيات.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات