حالات مطابقة لقضية "الخبر" حكم فيها مجلس الدولة بعدم الاختصاص

+ -

 أصدر مجلس الدولة، في فترات سابقة، قرارات بعدم اختصاص القضاء الإداري في إبطال أو تجميد عقود توثيقية مدنية تتعلق بصفقات بيع أملاك تمت بين جهتين. وهذه العقود تشبه تماما عقد بيع أسهم مجمع “الخبر” لشركة “ناس برود”، فرع مجموعة “سيفيتال”. فهل سيكون قرار محكمة بئر مراد رايس بالعاصمة، المنتظر غدا، منسجما مع قرارات الهيئة الأعلى في القضاء الإداري، أم سيشذ عما هو مؤكد؟النطق بعدم الاختصاص في حالات مشابهة لحالة “الخبر”، تتضمنه مجلة مجلس الدولة التي تنشر الاجتهادات في مجال القضاء، ومحاضرات القضاة ومساهماتهم، كما تنشر قرارات مجلس الدولة. ومن أشهرها ما جاء في المجلة عدد 08 بخصوص قرار صادر عن مجلس الدولة في 11 فيفري 2002، حول دعوى رفعتها إحدى البلديات طالبة من القاضي الإداري عقد شهرة وعقد بيع، حررهما موثق.وقد قال المجلس في هذه القضية، حسبما جاء في المجلة: “حيث أن هذين العقدين المطلوب إلغاؤهما لم يصدرا عن سلطة إدارية ولا يشكلان قرارا أو عقدا إداريين، وبالتالي فإن القضاء الإداري غير مختص في الطعن المرفوع من طرف المستأنف الحالي (رئيس البلدية) ضد وثيقتين محررتين من طرف الموثق”، في إشارة إلى أن رئيس البلدية استأنف قرارا صدر عن الغرفة الإدارية بالمجلس القضائي (في 2002 لم تنصب بعد المحاكم الإدارية)، وبالتالي رفعت القضية إلى المؤسسة الأعلى، وهي مجلس الدولة ليفصل فيها.وذكرت مجلة المجلس بأن القرار تم تأكيده في قرار مؤرخ في 01 فيفري 2005، بشأن العقد التوثيقي، إذ قال: “حيث يبقى هذا العقد غير خاضع لرقابة القاضي الإداري ولا لاختصاصه. وإن وجود إدارة عامة (البلدية) لا يغير في شيء من طبيعة النزاع الذي يبقى من اختصاص القضاء العادي”. القضاء الإداري يتدخل في العقود الإدارية فقطوورد في نفس عدد المجلة، التي تعد مرجعا للناشطين في القضاء الإداري، ما يلي: “رغم أن العقود التوثيقية يحررها عون عمومي يدعى الموثق، حيث يعمل هذا العون العمومي لحسابه الخاص تحت وصاية وزارة العدل باعتباره حائزا لختم الدولة، فإن طلب إلغاء تلك العقود لا يتم أمام القضاء الإداري، بل يتم أمام القضاء العادي، حتى ولو كان أحد أطراف الدعوى المعني بالإلغاء، إدارة عمومية. وهذا يأتي خلافا للمنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية التي تبقى من اختصاص القضاء الإداري وحده”.  واتخذت المجلة كمرجع، اجتهادا قضائيا بنى عليه مجلس الدولة قرارا صدر في 12 نوفمبر 2001، جاء فيه: “لا يجوز للقاضي الإداري أن يتطرق إلى هذه الدعوى لعدم اختصاصه، لكون الدعوى تتعلق بإبطال عقد مدني توثيقي”. وفي الحالة التي يتناولها الاجتهاد، يذكر بأن الغرفة الإدارية للمجلس القضائي ألغت عقدا مدنيا توثيقيا بناء على شكوى من البلدية، ويوضح بأن “العقد المدني التوثيقي لا يمكن إلغاؤه إلا أمام القاضي المدني، ولا يقبل الطعن فيه بالإبطال أمام القاضي الإداري”.حالة أخرى تناولتها المجلة في عددها الثاني لعام 2002، تتعلق بدعوى رفعتها بلدية سيدي معروف، أمام مجلس قضاء ولاية جيجل، لإبطال عقدي شهرة وبيع. وبعد أن قضى مجلس جيجل بعدم قبولها شكلا، استأنفت البلدية القرار. في الأخير جاء الفصل في الملف من طرف مجلس الدولة كما يلي: “الوثيقتان المطلوب إلغاؤهما لم تصدرا عن سلطة إدارية ولا تشكلان قرارا أو عقدا إداريين، وبالتالي فإن القضاء الإداري غير مختص للفصل في الطعن المرفوع من طرف المستأنف، ضد وثيقتين محررتين من طرف موثق”.دفاع وزارة الاتصال عاجز عن تبيان وجه الضرر من الصفقةوبما أن العقد الذي أبرم بين “الخبر” و”ناس برود”، هو مدني توثيقي وليس إداريا، فكان ينبغي على المحكمة الإدارية بئر مراد رايس أن تحكم من البداية بعدم الاختصاص، مادام أن مجلس الدولة حكم بعدم الاختصاص في حالات سابقة مشابهة إلى حد التطابق. ومعروف لدى متتبعي قضية “الخبر”، المثيرة للجدل، أن الدعوى الأصلية التي رفعتها وزارة الاتصال، كانت طلب إبطال العقد. ثم غيرت الطلب فأصبح تجميد العقد. وفي الحالتين، ليس للقضاء الإداري أن ينظر فيهما أصلا لأنهما من تخصص القضاء العادي، بمعنى كان ينبغي أن تتوجه وزارة الاتصال إلى محكمة بئر مراد رايس المدنية المتواجدة بحي السعيد حمدين. أما عن صفة الاستعجال، فكان على دفاع الوزارة أن يبين وجه الخطورة والضرر الذي تشكله صفقة البيع على الخزينة العمومية مثلا، حتى يمكن أن يقنع القاضي بتجميدها. غير أن المحامي نجيب بيطام لم يذكر في مرافعته الأربعاء الماضي، وجه الضرر من الصفقة التي جرت بين أشخاص يملكون أسهما وشركة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: