تطرح عملية أورلاندو بولاية فلوريدا الأمريكية، التي أودت بحياة 50 شخصا وإصابة 53 آخرين بجروح، وسارع تنظيم داعش إلى تبنيها، والمشتبه فيها أمريكي من أصول أفغانية، عمر صديق متين، عددا من التساؤلات حول خلفياتها وأبعادها، لاسيما وأن هذه العملية تتزامن والحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة ضد أهم معاقل التنظيم في سوريا والعراق، واعتماد داعش على نفس النمط العملياتي لتنظيم القاعدة. مع افتراض صحة التبني للعملية، فإن ذلك يعني أن تنظيم داعش وجه رسالة مباشرة لواشنطن، كما أنه نجح في استعادة أو تشكيل شبكات نائمة في الولايات المتحدة، بعد أن كان تنظيم داعش قد تبنى عمليات في دول أوروبية، وهو ما يعني في المحصلة أن تنظيم داعش نجح في إزاحة القاعدة بعد أن أضعفها وجردها من شبكاتها ومن عناصرها.أما ثاني نقطة متصلة بالعملية، فهو كونها محددة الهدف وتنم عن تحضير وتنظيم مسبق، ناهيك عن فرضية العمل المتسلسل، إذا صحت المعلومات المعلن عنها عن توقيف الشرطة في ولاية كاليفورنيا، مسلحا آخر قرب شاطئ سانتا مونيكا، يدعى جيمس هويل من ولاية أنديانا الأمريكية، وقد عثر في حوزته على ثلاث بنادق هجومية ومواد كيمياوية وقناع ضد الغاز.وبغض النظر عن إمكانية وجود تنسيق بين الحادثين، فإن حادثة أورلاندو تعد من بين أكبر العمليات من حيث الحصيلة منذ سنوات، كما تعد اختراقا أمنيا في وقت تستعد فيه الولايات المتحدة لاستخلاف الرئيس باراك أوباما واختيار رئيس جديد لها السنة المقبلة.في نفس السياق، تأتي العملية في أعقاب نداءات أطلقها الناطق باسم تنظيم داعش أبو محمد العدناني، حيث دعا هذا الأخير إلى القيام بعمليات انتقامية داخل أراضي الدول الغربية “الصليبية”، التي تشن حربا ضد “تنظيم الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا، وهو ما يدفع إلى الاعتقاد بأن العملية مماثلة لعمليات باريس وغيرها من الحوادث التي عرفتها دول أوروبية، ويوجه التنظيم رسالة بأنه قادر على اختراق الترتيبات الأمنية والقيام بعمليات استعراضية في قلب الدولة الأمريكية. وبالمقابل، فإن حادثة أورلاندو التي استهدفت مثليين في ناد ليلي، وبعيدا عن صداها الإعلامي والدعائي، فإنها أيضا ترتبط بالرهان الانتخابي الأمريكي، خاصة وأن المترشح الجمهوري، دونالد ترامب، سارع إلى استثمار العملية لترسيخ دعواته بمعاداة المسلمين، والتأكيد على صحة مقارباته، وهو الذي يراهن على كسب نقاط سياسية وانتخابية في مواجهة منتظرة مع ممثلة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون.أما النقطة الأخيرة التي تثيرها العملية، فهي متعلقة بشخص المشتبه فيه، الشاب عمر متين، الذي يعمل في شركة أمنية متعددة الجنسيات “جي.فور.إس”، والتي تصنف كأكبر جيش خاص في العالم، حيث تتواجد الشركة البريطانية الأصل بصورة كبيرة في إسرائيل وتسيّر كافة السجون الإسرائيلية، فضلا عن نشاطاتها في دول عربية مثل مصر والعربية السعودية. من هو عمر صديق متين؟ عمر صديق متين، المشتبه في وقوفه وراء عملية أورلاندو، حسب إفادات الشرطة الأمريكية، من مواليد سنة 1986، بمدينة نيويورك، من والدين أفغان، كان يعمل حارس أمن بالشركة الأمنية البريطانية الدولية “جي.أس.4” منذ 2007، ويعيش على بعد 200 كلم جنوب شرقي مدينة أورلاندو، بولاية فلوريدا على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، في مدينة بورت سان لوسي. درس الحقوق في جامعة “إينديان رايفر” وتزوج أول مرة في 2009، ثم مرة ثانية في 2011، وهو أب لطفل يبلغ من العمر 3 سنوات، كان يحلم أن يكون شرطيا وكان يتدرب من زملائه وحاز على ترخيص لحمل السلاح في فلوريدا، لم يكن مسبوقا قضائيا، ولم يكن له أي مشاكل من قبل، باستثناء تقرير من مكتب التحقيقات الفيدرالي “أف.بي.أس” ببعض ميولاته، حيث أجرى المكتب تحقيقين عنه سنتي 2013 و2014، لكن لم يُحقق معه مباشرة وإن قام المكتب بمساءلته خاصة حول علاقته المفترضة مع أحد الجهاديين الأمريكيين، منير محمد أبو صلحة، الذي قتل في سوريا.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات