صائمون يقطعون عشرات الكيلومترات لنسيان نداء بطونهم

+ -

يبحثون عن برنامج خاص بهم لإمضاء أكثر من ستة عشرة ساعة من الصيام، فمنهم من يتوجه فور عودته من العمل نحو الفراش مباشرة ليخلد في نومه حتى أذان المغرب، وآخرون يشغلون بالهم في المطبخ رفقة الوالدة أو الزوجة، بينما البعض الآخر يفضلون الخروج من المنزل ويقطعون عشرات الكيلومترات على متن سياراتهم للظفر بمشتريات خاصة قد لا تختلف كثيرا عن الخبز أو اللبن، الزلابية... والشربات التي تباع في أحيائهم.اخترنا بعض الوجهات التي يقصدها سكان الجزائر العاصمة شرقا وغربا بحثا عما لذّ وطاب من مأكولات ومشروبات، تكون أحسن من التي يقتنونها في أحيائهم في العاصمة، وهو شأن الشاب “ز.محمد” ورفاقه، الذين يقطعون يوميا 35 كيلومترا ذهابا وأخرى إيابا من الجزائر العاصمة باتجاه مدينة بوفاريك، التي تعتبر محجا للصائمين باختلاف الولايات التي ينحدرون منها.سفر كل يوم!يقول محمد: “هي عادة دأبنا على ممارستها منذ سنوات كلما حل شهر الصيام. في بادئ الأمر، كنت أقصدها بغرض إمضاء الوقت ونسيان نداء بطني، وبالطبع العودة قبل الأذان بزلابية بوفاريك”. أما اليوم، يتابع “أصبحت أعرف المدينة جيدا وأناسها وأين تباع أجود زلابية فيها، وهي زلابية شنون”. وما إن أحصل عليها، أحول وجهتي باتجاه سوق المدينة لأحصل على شربات “إبليس”، وفي طريق العودة أتوقف عند أحد المنازل لاقتناء نصيبي من كسرة المطلوع “الماعون”، وهكذا أكون قد فزت في معركتي مع الزمن وأمضيت حوالي 3 ساعات تكون كافية لحلول موعد الإفطار”.الشاب أمين صاحب 33 سنة، هو الآخر لا يبرح مكانه خلال الساعات القليلة قبل موعد الإفطار، وفي رده على سؤال “الخبر” حول وجهته المقصودة ونحن على بعد 4 ساعات من موعد الإفطار، رد قائلا: “اليوم سأتجه إلى أقصى مدن شرق العاصمة، رغاية (28 كيلومترا) لاقتناء لترين من لبن البقرة، وبالأمس كنت في ولاية البليدة من أجل الحصول على شربات مصنوعة بالفواكه الطبيعية”.حمام ملوان، تبعد 45 كيلومترا عن العاصمة وتقع في ولاية بليدة، تعد قبلة لاستقطاب العائلات الجزائرية، في فصل الصيف، التي تفضل حماماتها المعدنية وسحر طبيعة المنطقة الخضراء.. هي الأخرى لها نصيب من زبائن شهر الصيام، مثلما هو الحال بالنسبة لـ “أمين.ع” و«رضا.ر” و«محمد”، الذين يأتونها من بلدية باب الزوار بالعاصمة، للحصول على حليب الماعز والخبز الذي تشتهر به المنطقة.أما “أحمد.م”، وهو مغترب في الولايات المتحدة الأمريكية، فيفضل هو الآخر العودة إلى الديار خلال الشهر المبارك من كل سنة: “عندما أكون في الغربة، أتذكر تلك الجولات التي أمضيها مع رفاقي قبل ساعات من موعد الإفطار، فتارة نتوجه إلى مدينة درارية بحثا عن حليب ولبن بقرة خالص، وأحيانا نشكّل طوابير ننتظر دورنا للظفر بعلبة “قلب اللوز سرير” من المدنيَة في العاصمة، أو إلى حي الينابيع الذي ينفذ قبل منتصف النهار، أو تكون وجهتنا حي المحمدية عند أحد الخبازين الذي يبيع خبز “الفيسال” وحلويات لذيذة... أو مڤطع خيرة للحصول على دجاج”، المهم أن محدثنا لا يبرح مكانه، وفي كل يوم يختلق مع رفاقه برنامج جديدا.الوجهة لا تهمكانت الساعة تشير إلى الخامسة مساء، على بعد 3 ساعات عن موعد الإفطار، حين اقتربنا من الشاب فاروق الذي كان على متن سيارته في حي بلوزداد في العاصمة، كأنه ينتظر طلب أحد أبناء حيه لنقله إلى وجهة ما، وهو الذي كان في الأيام الأخرى يرفض التنقل باستعمال سياراته إلا في الحالات الاستعجالية، على حد قول زميله.وما هي إلا لحظات حتى قرروا الذهاب إلى حسين داي بحي البحر والشمس لشراء كعكات صغيرة، اشتهر بها صاحب المحل منذ سنين خلت... “ومن ثم سنرى أين تكون وجهتنا القادمة حسب الوقت المتبقي”.وهكذا، تمر أيام رمضان وتمضي في التنقل بين محل وآخر من منطقة إلى أخرى، بل ومن ولاية إلى أخرى، الغرض الأساسي منه هو إمضاء الوقت وعدم الاكتراث لعصر البطون والظمأ حتى ظهور هلال عيد الفطر المبارك.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: