لا يزال العنابيون يتذكرون ويروون بكثير من الحنين حكايات آبائهم وأجدادهم عن رمضانيات بطحة “بلاص دارم” بالمدينة القديمة، وكيف كانت تزين بمختلف الألوان الضوئية الزاهية استعدادا لاستقبال الشهر الفضيل.يذكر الشيخ الهادي طرشة، إمام مسجد سيدي إبراهيم بن التومي، أن ذاكرة المدينة تحمل الكثير من الصور المضيئة عن الاستعدادات التي تقوم بها العائلات لاستقبل هذا الضيف الكبير، حيث تهيئ له الأجواء منذ دخول شهر رجب، بتنظيف المنازل ودهنها وتغيير الأواني الفخارية، على اعتبار أن مدة صلاحية الفخار عندهم لا تتعدى السنة، حيث يكسر القديم ويشترون الجديد، وتقوم النسوة برحي التوابل وتغيير ديكور المنزل.وأضاف أن الجميع يعرف أن رمضان اقترب عندما تتزين الساحة المركزية للمدينة القديمة “سيدي شريط”، بمختلف الألوان الزاهية، وتحضر محلات الفطائر والحلويات التقليدية، وكذا المقاهي. ويذكر الشيخ طرشة، أن لعنابة في هذا الشأن تقاليد عريقة لم تعد موجودة، وهي أن لكل مقهى بالمدينة فنانا في المالوف، وفي حواشي المدينة مثل برمة الغاز ولاسيتي أوزاس، وغيرها، لكل مقهى فنانا في الشعبي لإحياء السهرات الرمضانية في جو أخوي حميمي، حيث يدفع مرتادو المقاهي ضعف مبلغ فنجان قهوة، كمستحقات للفنان الحاضر بينهم. كما تحدث كثيرا عن الأجواء التضامنية المنتشرة، حينئذ، بين الأغنياء والفقراء في إطار صون وحفظ كرامة هؤلاء بخلاف ما هو كائن اليوم، حيث انعدمت تلك الروح، وتحول العامة من الاهتمام بالشخص ومشاعره، وقيمته الإنسانية، إلى توجيه عنايتهم إلى كل شيء عدا الإنسان.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات