"المطلوب تشكيل حكومة غير ملوثة بفضائح الفساد"

38serv

+ -

ما هي ملاحظاتك على التعديل الجزئي للحكومة؟ مرة أخرى نلاحظ تناقضات كثيرة في عمل الحكومة وفي تسيير البلاد، هذا التغيير مس وزارات هامة مثل المالية والفلاحة، وجاء بعد اجتماع الثلاثية الذي خرج بشكل اقتصادي جديد اقترحه الوزير الأول. هذا الاقتراح يفترض منطقيا أنه تمت المصادقة عليه بعد موافقة رئيس الجمهورية، وقد كان ينبغي برأيي إجراء التغيير الحكومي قبل الثلاثية، ثم يقوم الجهاز التنفيذي بوضع شكل اقتصادي جديد يصادق عليه، وبعدها يتوجه إلى العمل في الميدان. لكن من ما حدث أن الحكومة عقدت الثلاثية وتم فيها الإعلان عن نموذج اقتصادي جديد، ثم تم إبعاد الوزراء الذين كان يفترض أن يؤدوا دورا أساسيا في تنفيذ هذا الشكل الاقتصادي الجديد، المبني على التنويع. فبتنحية وزير الفلاحة ووزير المالية وهما عنصران أساسيان في الخطة، كشف المسؤولون في البلاد انعدام التنسيق بين رئاسة الجمهورية والوزارة الأولى، وبين أعضاء الحكومة. الجزائر تعيش أزمة مالية حادة، هل هذا التغيير يحمل دلالة بأن الحكومة تبحث عن حلول لها؟ هذا التعديل شكلي، أعتقد أنه مؤقت يسبق تغييرا شاملا في بداية الدخول الاجتماعي. ولكن في حالة العكس، سيستمر التخبط في تسيير البلاد في غياب منهجية ورؤية. رأيي أن هذا التغيير لا يعكس وجود أية استراتيجية، وتوقيته غير مناسب إلا إذا جاء من أجل معالجة قضايا ظرفية، في انتظار تغيير شامل في الدخول الاجتماعي. وإذا لم يتحقق ذلك فسيستمر البريكولاج وانعدام الجدية في تسيير الشأن العام. هل هو تغيير تقني أم سياسي؟ اختيار الوزراء مبني عادة على معايير غير واضحة، وإنهاء مهامهم لا يحمل أبدا إجابات واضحة. فلماذا أزيح وزير المالية مثلا؟ هل بسبب الفشل في المشاريع التي أطلقها؟ الشائع أن السيد بن خالفة فشل في مشروع القرض السندي، وفي إدخال الأموال النشطة في السوق الموازية إلى  الدائرة الرسمية.. في هذه الحالة كان ينبغي إبعاد كل الوزراء، لأنهم فشلوا في مشاريعهم وليس بن خالفة وحده. اذكر لي وزيرا واحدا حقق نجاحا في أي مشروع. وحتى المشاريع التي يقال عنها إنها ناجحة، تتعارض في الحقيقة مع مصلحة الجزائر مثل صفقة رونو ومشاريع إنجاز الطرقات التي توجد في وضع كارثي.بخصوص القرض السندي كان متوقعا أنه لن ينجح، وفي الحقيقة كل مشاريع السيد بن خالفة أطلقها على استعجال، وهذا يوضح بأن النتيجة كانت متوقعة. إن أهم شرط لنجاح العمل الحكومي هو الثقة الغائبة اليوم، والحكومة فاقدة مصداقية، وبانعدام الثقة كل المكونات الأساسية في البلاد ترفض الانخراط في أي مشروع. إن نجاح أي مشروع مرهون بمدى تجاوب المواطنين والإطارات والعمال معه. وإذا لم يتحقق هذا الإجماع، سيكون مآل كل سياسات الحكومة الفشل. إذن الخلاصة، أن سبب عزل الوزراء الخمسة ليس عدم كفاءتهم في أداء مهامهم الحكومية، وإنما لأسباب أخرى لا أريد أن أخوض فيها. ما هي مواصفات الجهاز التنفيذي الناجح، برأي جمعية مستشاري التصدير؟ يجب أن ندرك أننا نعيش أزمة حادة. والجزائر استهلكت قرابة 100 مليار دولار في السنتين الماضيتين، لمواجهة العجز في الميزانية، وهذا يبين خطورة الأزمة وعدم قدرة الحكومة على التحكم فيها، فلا تشكيلة الحكومة الحالية ولا الحلول الترقيعية التي تسوقها للجزائريين، بإمكانها أن تحل الأزمة. اليوم بلغنا مرحلة ينبغي معها إيجاد حلول جذرية تنبثق عن تشخيص عميق للأزمة. اليوم الجزائر بحاجة إلى  حكومة مصغرة متماسكة ومتجانسة، لسنا بحاجة إلى  طاقم من 32 وزيرا، يكفي أن يكون التعداد 20 وزيرا. ينبغي دمج بعض الوزارات مع بعضها، واختيار وزراء تكنوقراطيين لا علاقة لهم بالسياسة. مللنا من السياسة التي تمارس منذ 20 سنة، على حساب الاهتمام بالاقتصاد، واليوم نحن ندفع ثمن هذا العبث. حان الوقت لبناء اقتصاد وفق معايير دولية، والتوقف عن التصليح السطحي الظرفي. ولكن التغيير الذي ندعو إليه، لا يمكن أن يجري بنفس الوجوه وبنفس المنهجية التي أثبتت فشلها، ينبغي ضخ دماء جديدة وإحداث نفس جديد، واختيار أشخاص غير ملوثين بالفضائح المالية. ينبغي أن نعين حكومة ذات مصداقية، تتكون من عناصر نظيفة يكون همها الوحيد معالجة هذا الوضع المزري.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات