المشرع ألغى رقابة الوزير وڤرين يصر على "خطيئته"

+ -

يثبت القانون العضوي للإعلام بـ”الدليل الدامغ”، انعدام أي أثر لوزير الاتصال في صلب النص. فعلى عكس ما يستند إليه دفاع وزير الاتصال حميد ڤرين في دعواه ضد “الخبر”، بأن المرسوم رقم 11/216 المحدد لصلاحياته يتيح له “مراقبة شاملة” لوسائل الإعلام، لا نجد أن المشرع قد بني في إعداد قانون الإعلام على المرسوم، الذي يشبه تماما “كاتالوغ” تشغيل آلة غسيل أو تلفاز، لا أكثر ولا أقل.اقتضى من المشرع عند إعداد القانون العضوي للإعلام رقم 05-12 المؤرخ في 12 جانفي 2012، الرجوع إلى 15 مادة من الدستور والنظر في 3 قوانين عضوية، هي اختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله والانتخابات والأحزاب السياسية، وأيضا 13 قانونا عاديا، إضافة إلى 8 أوامر رئاسية، وهنا واضح جدا، كما يظهر في طليعة فحوى قانون الإعلام، عدم ذكر مرسوم تحديد صلاحيات وزير الاتصال لا في بناء النص (بناء على) ولا عند الاقتضاء (بمقتضى).ويعطي إبعاد المشرع لـ”وزير الاتصال” من لعب دور في المشهد الإعلامي، خصوصا في مجال الصحافة المكتوبة، دلالة واضحة وقوية على أن الوزير المكلف بالاتصال لا يمكنه التدخل في الشأن الإعلامي، وبالتحديد موضوع الرقابة، كما يسري هذا “الإقصاء” من هذا الدور، أيضا على الحكومة بأكملها، بل على السلطة التنفيذية برمتها، ولهذا الغرض أنشئت في قانون الإعلام سلطتان، الأولى تخص ضبط الصحافة المكتوبة والثانية ضبط السمعي البصري.وعلى هذا الأساس، لم يكن تركيز دفاع وزير الاتصال في جلسة مرافعات قضية وزارة الاتصال ضد “الخبر - ناس برود”، لـ”تجميد آثار البيع”، الذي يقصد به تحويل أسهم من “الخبر” إلى “ناس برود”، سوى ذر للرماد في العيون، والتفافا على قانون الإعلام، وانعدام حجج “قوية” يدافع بها الوزير حميد ڤرين عن نفسه.فبالرغم من أن دفاع الوزير يعلم جيدا أن المرسوم المحدد لصلاحيات الوزير الصادر سنة 2011، قد أصبح ملغى بمجرد صدور القانون العضوي للإعلام “الأسمى منه”، إلا أن المحامين نظرا لـ”ضعف براهينهم” تمسكوا بالمرسوم الذي يدينهم أكثر مما ينفعهم.فقد عمد دفاع ڤرين خلال جلسة المرافعة، الأربعاء الماضي، إلى اختلاق، عمدا، مجال لتدخل الوزير في دعواه ضد “الخبر”، بالفقرة الرابعة من المادة الثانية من المرسوم، لكنهم توقفوا في تلاوتها على جزئها الأول “يعمل (الوزير) على تفادي تمركز العناوين وأجهزة الصحافة من التأثير المالي والسياسي أو الأيديولوجي”، وتناسوا إكمال الجزء الثاني تطبيقا لـ”ويل للمصلين”، فهو ينص على “باقتراح (الوزير دائما) النصوص التشريعية والتنظيمية الملائمة”، يعني لا يحق له بقوة القانون التدخل مادام أن التي تمنع تمركز عناوين الصحافة هي سلطة ضبط الصحافة المكتوبة، التي جرى اقتراحها بنص تنظيمي ملائم.ومثلما رافع به محامي “الخبر” خالد برغل، الأربعاء الماضي، فإن “دور وزير الاتصال والحكومة بكامل أعضائها، تنفيذ القوانين واقتراحها، وليس سنها أو إلغائها”. لكن ما قام به ڤرين في قضية “الخبر” هو الدوس على قاعدة قانونية صريحة، وراح في كل خرجة إعلامية يتفاخر بأنه سيلغي سلطة ضبط الصحافة المكتوبة، لأنها ببساطة تلغي وجوده وسيطرته على الصحافة المكتوبة، إلى أنه جاءه رد فعل معاكس من مدير ديوان رئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى، تبرأ فيه من رغبة ڤرين في إلغاء سلطة الضبط.ليس من صلاحيات وزير الاتصال “إلغاء أو سن قانون”، ففي إطلالة سريعة على المرسوم 11/2016 الذي “يستأنس” به ڤرين ودفاعه من المحامين، ما نقرأه كصلاحيات للوزير لا تتعدى أفعالا “يعمل على، يُقدم، يسهر على، يُعد، يضمن، يبدي الرأي، يبادر، يمارس، يشارك، يشجع..”، وبالتالي كل هذه الأفعال تندرج في سياق واحد يأتي “في مجال ترقية الديمقراطية وحرية التعبير”، وليس “جرجرة” جريدة وطنية رائدة وعنوان إعلامي كبير الذي هو “الخبر”، إلى المحاكم، لأن مساهمين جزائريين تنازلوا عن حصصهم وأسهم من شركتهم لصالح شركة جزائرية، مسؤولوها جزائريون، ولم يأتوا لا من “دولة اللوزوطو” ولا من “إسرائيل”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات