الحكومة تحوّل الرئيس إلى حامٍ للإفلات من العقاب

+ -

 لسنا ندري لماذا تقدم السلطة الرئيس بوتفليقة كما لو كان الحامي والراعي الرسمي لرداءة أداء الوزراء، من خلال عدم محاسبة الوزراء على التقصير الذي يظهر باديا للعيان في كثير من الجوانب في نشاط بعض الوزراء.نعم، الرئيس معروف عنه أنه مهووس بحماية الذين يعملون معه، سواء أكانوا وزراء أو إطارات، لكن هذا لا يعني أنه يحمي هؤلاء من مسؤولية التقصير في الأداء، فالرئيس لا يعاقب المقصرين تحت عامل الضغط، لكن العقل والمنطق أن يتحول هذا إلى حماية للرداءة والفساد.وزير الاتصال فشل فشلا ذريعا في فتح جسور مع رجالات قطاعه، سواء على صعيد الصحافة العامة التابعة للحكومة أو على مستوى الصحافة الخاصة، ووضع القطاع في أزمة حقيقية منعت السير الطبيعي للإصلاحات في القطاع التي نصّ عليها القانون والدستور. فقد فشل الوزير في حمل الصحافيين على تنظيم أنفسهم وانتخاب ممثليهم في هيئات الضبط التي جاءت بها إصلاحات الرئيس في الدستور وقانون الإعلام، ووصل به الأمر إلى إلغاء سلطة الضبط للصحافة المكتوبة التي نصّ عليها قانون الإعلام، وهو قانون عضوي ألغاه الوزير بتصريح دون أن يحس بأنه يضرب بإصلاحات الرئيس عرض الحائط.نعم الرئيس أتى بهذا الوزير على رأس القطاع لأنه يفترض أنه من القطاع، وكان الأمل هو أن يحل بعض المشاكل بين السلطة وبعض الصحف، وعوض أن يفتح هذا الوزير الحوار مع هذه الصحف ومع الصحافيين، حمل “القزول” الذي هدم به علاقته مع القطاع قبل أن يهدم علاقة السلطة مع القطاع، وما كان هذا ليحدث لو فتح الوزير الحوار عوض استعمال القوة. كل هذا كان من الواجب أن تجعل الرئيس يعجّل بإنهاء مهام هذا الوزير، لكن حكاية حماية الرئيس لهذا النوع من الوزراء جعلتنا نحس بأنهم حوّلوا الرئيس إلى راعٍ رسمي للرداءة وسوء التسيير.العملية نفسها تكررت مع وزيرة التربية، فبعد أزمة الأساتذة المتعاقدين المؤسفة التي كان من المفروض أن تدفع الوزيرة ثمنها لأنها أساءت إدارتها، جاءت أزمة الغش في البكالوريا، وقد كشفت التحريات الأولية أنها نتيجة لسوء التسيير وتعشش الفساد في بعض دوائر قطاع التربية، وتبيّن أن الغش الفاضح له علاقة بالفساد وسوء التسيير، وليس له علاقة بالسياسة أو الصراعات السياسية، سواء الإسلامية أو “الدياراسية”، كما حاولت الوزارة عبثا الإيحاء به للرأي العام للتغطية على المسؤولية الخاصة بالتقصير في تدبير هذا الشأن الخاص بمسألة حيوية لدى الجزائريين، وهي البكالوريا.. كل هذا من أجل تكريس نظرية الإفلات من العقاب إذا تعلق الأمر بتقصير الوزراء.هذان المثالان يمثلان فعلا حكاية الإفلات من العقاب في أبأس صوره.. وباسم التضامن الحكومي وعدم الضغط على الحكومة والوزراء حول هؤلاء حكاية الإفلات من العقاب إلى واقع جعل الرئيس يتحول إلى حامٍ للتقصير والرداءة في إدارة الشأن العام.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات