+ -

 يكفي القرآن الكريم تنويهًا بمكانة التّفكير وقيمته أن جعله حجّة وبرهانًا على صدق الرّسول في تبليغه عن ربّه، إذ قال سبحانه: {قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ}.فهذه الآية الكريمة تُبيّن منهج الإسلام القائم على مواجهة العقل، وإقامة الحجّة به، وإعطاءه حقّه في طلب البُرهان القاطع والدّليل السّاطع، ثمّ الاعتراف له بما يقضى به، بعد النّظر السّديد المبرأ من الهوى والجمود.فالقرآن يُريد أوّلاً تحرير العقل من التّقليد الفاسد والمعتقدات الباطلة الّتي استولَت عليه، وشلّت إرادة التّفكير فيه. فإذا تحرّر العقل فقد قطع نصف الطّريق الموصلة للحقّ، ثمّ عليه أن ينظر بعقله المتحرّر في كتاب الله المسطور وكتاب الله المنظور.. فإنّه إن فعل فلا بدّ أن يهتدي إلى الله، ويتعرّف إليه، ويؤمن به..يقول الشّيخ سيّد طنطاوي رحمه الله “فالآية الكريمة تأمرهم أن يفكّر كلّ اثنين بموضوعية وإنصاف في أمر الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ يعرض كلّ واحد منهما حصيلة تفكيره على صاحبه، وأن يفكّر كلّ واحد منهم على انفراد أيضًا في شأن هذا الرّسول، من غير تعصّب وهوى. وقدّم الاثنين في القيام على المنفرد؛ لأنّ تفكير الاثنين في الأمور بإخلاص واجتهاد وتقدير، أجدى في الوصول إلى الحقّ من تفكير الشّخص الواحد، ولم يأمُرهم بأن يتفكّروا في جماعة لأنّ العقلية الجماعية كثيرًا ما تتّبع الانفعال الطّارئ، وقلّما تتريّث في الحكم على الأمور”.إمام وأستاذ الشّريعة بالمدرسة العليا للأساتذةرمضانية

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات