ولو أن المسلمين أقاموا سُنة الإحسان التي أرشدهم الله إليها بالصوم لم ينبت في أرضهم مبدأ من هذه المبادئ التي كفرت بالله وكانت شرا على الإنسانية.وأنا، فقد عافاني الله من وجع الأضراس طول عمري فانعدم إحساسي به، فكلما وصف لي الناس وجع الأضراس وشكوا آلامه المبرحة سخرتُ منهم وعددت الشكوى من ذلك نقيصة فيهم هلعًا أو خورًا أو ما شئت، وفي هذه الأيام غمزني ضرس من أضراسي غمزة مؤلمة أطارت صوابي، وأصبحت أؤمن بأن وجع الأضراس حق، وأنه فوق ما سمعت عنه، وأن شاكيه معذور جدير بالرثاء والتخفيف بكل ما يستطاع. هذه هي القاعدة العامة في طبائع الناس، فأما الذي يحسن لأن الإحسان طبيعة قارة فيه، أو يحسن لأن الإحسان فضيلة وكفى، فهؤلاء شذوذ في القاعدة العامة.وشهر الصوم في الإسلام هو مستشفى زماني تعالج فيه النفوس من النقائص التي تراكمت عليها في جميع الشهور من السنة، ومكن لها الاسترسال في الشهوات التي يغري بها الإمكان والوُجد، فيُداويها هذا الشهر بالفطام والحِمية والحيلولة بين الصائم وبين المراتع البهيمية، ولكن هذه الإشفية كلها لا تنفع إلا بالقصد والاعتدال.لو اتبع الناس أوامر ربهم ووقفوا عند حدوده لصلحت الأرض وسعد من عليها، ولكنهم اتبعوا أهواءهم ففسدوا وأفسدوا في الأرض وشقوا وأشقوا الناس.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات