أربعة قتلى وأربعة يتامى في مجزرة حادث الأغواط

38serv

+ -

حملت بوطاجين مريم آمال نجاحها في شهادة البكالوريا وحزمت حقائبها وسافرت مع أفراد عائلتها، ليلة السبت الفارط، من حاسي مسعود، مقر إقامة عائلتها، باتجاه مدينة جديوية بولاية غليزانمسقط رأس العائلة لصيام شهر رمضان هناك.. لكن القدر كان له كلمته. لم تكن مريم ورانية ومسعودة وسعاد يعلمن بأن أجنحة الموت ترفرف على العائلة، وهي تجوب فيافي الصحراء الواسعة في حافلة الموت، ربما كانت مريم تراقب نجوم الليل وتسافر مع أحلام الغد الجميل كعادة الشباب والفتيات في هذه المرحلة، وترتسم في ذهنها صور جميلة للمستقبل القادم وهي تضع أقدامها على عتبات الجامعة...لكن بعد أن قطعت مريم مع عائلتها نصف المسافة وخرجت بهم الحافلة من بوابة الصحراء الأغواط باتجاه أفلو، فتيارت ثم غليزان، كانت المؤسسة الاستشفائية بأفلو مستقر مريم وأخواتها، وكل الأحلام الجميلة تحوّلت في لحظة واحدة عند منطقة الزريقة ببلدية واد مرة على بعد 20 كلم من مدينة أفلو إلى أحزان، فالأم والأب وابنيهما محمد وإبراهيم “7 و8 سنوات” تحوّلوا إلى جثت هامدة ومفحمة بعد أن التهمتهم ألسنة النيران رفقة 28 مسافرا في ذلك الحادث المؤلم.ما هي إلا لحظات حتى وجدت مريم مع أخواتها مسعودة ورانية وسعاد أنفسهن على أسرّة بالمؤسسة الاستشفائية بأفلو، يتلقين العلاج ويسألن عن الأم والأب والأخوين محمد وإبراهيم، لكن من يستطيع أن يتمالك نفسه ويجرؤ في هذه اللحظات المؤلمة أن يقول الحقيقة للفتيات ودماء جراحهن تنزف من كل مكان، في مشهد وقّع تفاصيله سائقون متهورون انساقوا وراء لذة السرعة المفرطة والتلاعب بمكابح المركبات، دون التفكير في أن التبعات قد تكون مأساوية.رحل الأب بوطاجين بوعبد الله ورحلت الأم ضيف فتيحة، ورحل الطفلان محمد وإبراهيم إلى عالم الأبد، وقدر الله الحياة لمريم وسعاد ورانية ومسعودة “هذا قضاء الله وقدره”. تستمر الأيام تلو أخرى ولا ندري كيف تعيش هؤلاء البنات حياتهن بعد أن فقدن حضن الحنان والعطف، الأكيد أن الصدمة ستكون قوية نفسيا والحياة ستكون قاسية اجتماعيا وما لهؤلاء البنات غير أبوهن وأمهن؟قال لنا أخ الضحية بوعبد الله وابن عمه اللذان قدما من جديوية بولاية غليزان لأخذ الجثث والبنات “إن هذه العائلة تقيم في حاسي مسعود من أجل لقمة العيش منذ سنوات”، لم يستطع أخ الضحية مواصلة الحديث، فالدموع غلبته من شدة الحزن. أما ابن عمه، فواصل معنا الحديث والدموع تذرف من عينيه “بوعبد الله كان رجلا بسيطا يعمل حرا، كريما يساعد الفقراء والمساكين، طيب النفس، دفعته ظروف الحياة لمغادرة مسقط رأسه جديوية باتجاه حاسي مسعود لجمع لقمة العيش لأبنائه، ماذا عسانا أن نقول.. رضينا بقضاء الله وقدره وإنا لله وإنا إليه راجعون”. 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات