طغى الحراك العسكري والمواجهات على المسار السياسي الذي يعرف جمودا، بالنظر إلى تباين المواقف بين الفرقاء السوريين. وعلى عكس ذلك، تعرف جبهات المواجهات اشتعالا، على خلفية التقدم المتواصل للقوات السورية على محاور الرقة وحلب، مع التركيز على السيطرة على المطارات الاستراتيجية التي سقطت بأيدي التنظيمات المسلحة لاسيما داعش والنصرة .ويبدو أن موسكو ومن خلال سيرورة الأحداث، قررت إعادة حساباتها بما يكفل الحسم العسكري ضد داعش والنصرة بالخصوص، وهو ما برز من خلال تأكيدات أمس الأول لرئيس الدبلوماسية الروسي سيرغي لافروف الذي أكد تفعيل وتنشيط الدعم والغطاء الجوي الروسي لفائدة القوات السورية، وهو ما ترجم بسرعة من خلال تكثيف الغارات الجوية ضد مواقع داعش والنصرة، وأدى إلى مقتل قيادات في النصرة من بينهم وائل حاج حسين المكنى فاروق الشامي أحد القادة الميدانيين البارزين في جبهة النصرة، ومواجهة الهجوم المعاكس الذي يشنه النصرة وفيلق الشام وحركة أحرار الشام جنوب حلب .يحدث ذلك، في وقت يتقدم الجيش السوري باتجاه مطارات وسط البلاد، على رأسها المطار العسكري طبقة الذي يعتبر بالنسبة للنظام السوري رمزية خاصة، حيث تم تصفية 160 جندي سوري بعد احتلال المواقع من قبل تنظيم داعش، كما تشكل المناطق المحيطة، بداية ببحيرة الأسد، رمزية لموسكو التي قامت بإقامة المنشآت التي سقطت في أيدي التشكيلات المسلحة. ويسعى الجيش السوري إلى قطع خطوط الإمداد والتقدم تدريجيا باتجاه الرقة بعد السيطرة على هضبة ندان وهريتان، كما استعاد الجيش السوري السيطرة على قرية خربة زيدان في إطار عملية تحرير الطبقة بريف الرقة، لتصبح القوات السورية على مشارف مطار طبقة، وبالتالي إمكانية المرور إلى داخل مدينة الرقة.إلا أن المشهد يبقى معقدا مع زحف كردي من جهة الشمال، حيث سيطرت قوات سوريا الديمقراطية على قرى بوزكيج وخفشة في ريف منبج بدعم أمريكي. وما يزيد من التعقيد في المسرح السوري، تداخل مصالح القوى الغربية، حيث بدأت قوات بريطانية خاصة بعد الأمريكية في تأطير ودعم تشكيل “جيش سوريا الجديد” في معاركه ضد تنظيم “داعش” جنوب شرقي البلاد، وهو ما يفسر التسابق نحو السيطرة على مناطق الرقة ودير الزور وحلب.فبعد صعود نجم “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة أمريكياً، وقوات “صقور الصحراء” المدعومة روسياً، تتشكل قوات تنبثق عن الجيش الحر مركزة على مناطق شرق سوريا، هدفها المعلن محاربة داعش، ولكن أهداف ومرامي الاستراتيجية المعتمدة هي تقسيم سوريا إلى أقاليم، وهو أسوأ السيناريوهات التي تبرز تدريجيا على مسرح المشهد السوري الجديد .
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات