العالم يودع الأسطورة محمد علي

38serv

+ -

تتوجه أنظار العالم بأسره إلى مدينة لويفيل، أكبر مدن ولاية كنتاكي الأمريكية، مسقط رأس محمد علي كلاي، الذي يدفن الجمعة في هذه المدينة الصغيرة، بعد مراسم تأبين وموكب جنائزي لتكريم بطل الملاكمة الأسطوري وصاحب القناعات الثابتة. توفي محمد علي كلاي، الذي كان من أبرز شخصيات القرن العشرين في عالم الرياضة وخارجه، مساء الجمعة المنصرم عن عمر ناهز 74 عاما، بعد معركة طويلة ضد داء باركنسون، وكان محاطا بأقربائه بمن فيهم أبناؤه التسعة.وأوضحت واحدة من بناته هانا، أول أمس، في نص مؤثر اللحظات الأخيرة لوالدها، قالت: “كل أعضائه توقفت عن العمل الواحد تلو الآخر لكن قلبه بقي يخفق، وبقى يخفق 30 دقيقة، ولم ير أحد شيئا مماثلا من قبل وهو يدل على قوة روحه وإرادته”. وتابعت: “قلوبنا تشعر بحزن كبير لكننا سعداء بأن والدنا بات حرا الآن”. وأعلنت أسرة الفقيد أنه سيدفن الجمعة المقبل في مقبرة في لويفيل في ولاية كنتاكي (وسط شرق الولايات المتحدة)، بعد موكب جنائزي سيعبر مسقط رأسه ليتاح وداعه لأكبر عدد من الأشخاص.وستنظم مراسم متعددة الديانات برئاسة إمام، كما طلب محمد علي نفسه، بحضور الرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون، الذي سيلقي خطاب وداع الرجل الذي كان يعتبره صديقه. وقال الرئيس باراك أوباما إن “محمد علي كلاي كان الأعظم”. وتدفق عدد كبير من هواة رياضة الملاكمة والمعجبين بمحمد علي كلاي، أول أمس، على سكتسديل في ولاية أريزونا، أمام المستشفى الذي أمضى فيه ساعاته الأخيرة، ليتركوا بطاقات خطوا عليها بضع كلمات وورودا وبالونات.وفي كنتاكي وفي مكان غير بعيد عن المنزل الذي أمضى طفولته فيه ووضع أمامه معجبوه باقات الورود، ترأس رئيس بلدية لويفيل مراسم تأبين “لرجل عمل ومبادئ” عاش في هذه المدينة وكانت خلال شبابه تشهد تمييزا بين السود والبيض.وقال بوب غونيل، الناطق باسم عائلة بطل الملاكمة السابق، إن “محمد علي كلاي توفي عن 74 عاما بعد صراع مع داء باركينسون دام 32 عاما”. وأضاف أن “بطل العالم في الوزن الثقيل ثلاث مرات توفي مساء الجمعة”.وفي مقابلة مع شبكة “سي بي إس” التلفزيونية، قال غونيلن إن محمد علي راجع أطباءه الثلاثاء بسبب “زكام بسيط”، وأضاف أنه “نقل بعد ذلك إلى المستشفى، وخلال 24 ساعة تدهور وضعه بسرعة”، إلى درجة أنه أخضع للتنفس الاصطناعي الجمعة الماضية. وتابع أن “محمد شرح بالتفصيل ليس فقط كيف يريد أن يعيش، بل وكيف يريد أن يموت أيضا”، مشيرًا إلى أن أبناءه قرروا قطع التنفس الاصطناعي، وقال “كان الأمر صعبا عليهم لكن والدهم فخور بهم”. وقد أصر كاسيوس كلاي على تعلم الملاكمة لينتقم من مجهول سرق دراجته الهوائية عندما كان طفلا، وبسرعة أخذ يحقق بفضل قوة قبضتيه، النصر تلو الآخر، وأصبح بطل دورة الألعاب الأولمبية في روما في 1960 ثم بطل العالم حسب تصنيف الجمعية العالمية للملاكمة في 1964 بفوزه على سوني لينستون بالضربة القاضية في الجولة السابعة، وقد غير اسمه إلى محمد علي بعد اعتناقه الإسلام في 1964.وغداة ذلك قرر تغيير اسمه إلى كاسيوس إكس تيمنا بزعيم “المسلمين السود” مالكولم إكس. وبعد شهر اعتنق الإسلام وغير اسمه إلى محمد علي.وبعد أن أصبح بطل العالم بلا منازع في الوزن الثقيل، صدم الرجل “الأعظم”، كما كان يصف نفسه، الولايات المتحدة في 1967 برفضه أداء الخدمة العسكرية والتوجه للقتال في حرب فيتنام، وأكد في 17 فيفري 1966 “ليست لدى مشكلة مع الفيتكونغ” الذين كانوا يقاتلون الأمريكيين.سجن محمد علي وجرد من الألقاب التي حصل عليها ومنع من ممارسة الملاكمة لثلاث سنوات ونصف السنة، بعدما أغضب غالبية الرأي العام الأمريكي، ولكن آخرين رأوا فيه أحد أعمدة الثقافة المضادة وبطل قضية السود الذين كانوا يناضلون من أجل المساواة في الحقوق. “مثل مارتن لوثر كينغ” أصبح محمد علي مجددا بطل العالم في 1974، حسب تصنيف الجمعية العالمية والمجلس العالمي بفوزه بالضربة القاضية في الجولة الثامنة على جورج فورمان، ما أطلق عليه تسمية “معركة في الأدغال” في كينشاسا بزائير التي أصبحت اليوم جمهورية الكونغو الديمقراطية.وخسر لقبه بالنقاط أمام ليون سبينكس في 15 فبراير 1978، ثم استعاده في 15 سبتمبر من السنة نفسها.واعتزل في 1979، لكنه اضطر للعودة إلى الحلبة بعد سنتين في سن التاسعة والثلاثين بسبب إساءته إدارة ثروته، وفي أكتوبر 1981 مني بهزيمة ساحقة أمام مواطنه لاري هولمز الذي كان أقوى منه بكثير، كما هزم في السنة نفسها أمام تريفور بيربيك وكانت تلك آخر مباراة يخوضها.وتوقف كلاي، عن اللعب نهائيا بعد 56 فوزا في 61 مباراة بينها 22 في بطولة للعالم و37 بالضربة الفنية القاضية.وفي 1996، بدا مريضا وأضعفه داء باركينسون في حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في أتلانتا، وفي 2005، منح وسام الحرية الرئاسي وهو أرفع وسام مدني في الولايات المتحدة. وأصبح ظهوره بشكل علني نادرا تدريجيا، وكان آخر تجمع عام شارك فيه في فينيكس عشاء لجمع تبرعات لأبحاث مكافحة داء باركينسون. وقال في 1987 “الله أصابني بمرض باركينسون لأرى أنني لست سوى مجرد رجل مثل الآخرين ولدي نقاط ضعف مثل الجميع”. وأشاد أوباما بدوره في النضال من أجل الحقوق المدنية، وقال “كان إلى جانب (مارتن لوثر) كينغ و(نلسون) مانديلا، ترفع عندما كان ذلك صعبا وتحدث عندما لم يفعل الآخرون ذلك”.وصية محمد علي لشقيقه قال الشقيق الوحيد لمحمد علي كلاي “رودولف”، الذي غيّر اسمه إلى رحمان لاعتناقه الإسلام، في العام 2013 لصحيفة “صن” البريطانية، إن شقيقه أوصاه بدفنه قرب والديه في مدينة “لويفيل” إذا ما توفي قبله. وذكر رحمان أن محمد أوصاهم أن يحفروا على شاهد قبره عبارات للقسيس الأمريكي الراحل في 1968، مارتن لوثر كينغ: “حاولت أن أحب أحداً، أن أحب الإنسانية وأخدمها، حاولت فعلاً أن أطعم الجياع وأكسو العراة”.الأزهر ينعي محمد علي نعى الأزهر الشريف الملاكم العالمي محمد علي كلاي، الذي توفي عن عمر يناهز 74 عاما.وقال الأزهر في بيان إن كلاي “قدم نموذجا رائعا للرياضي المسلم الملتزم بأخلاق الإسلام”.وأضاف البيان أن “الفقيد الراحل كرس حياته للعمل الإنساني والاهتمام بالفقراء ومحاربة العنصرية ورفض الظلم والعدوان، فكان بطلا رياضيا، كما كان بطلا أيضا في نصرة شعبه وقضاياه، مدافعا بكل قوة عن القضايا الإنسانية العادلة”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات